في الوقت الذي يستعجل الشعب المصري نتائج ثورته المجيدة في يناير 2011م، والتي ضحَّى فيها بالغالي والنفيس والأرواح والدماء، يجد تباطؤًا غير مقبول ولا مبرر من الحكومة والمجلس العسكري في الاستجابة لمطالبه الجوهرية والحيوية؛ الأمر الذي اضطره للنزول للميادين في مظاهرات حاشدة مرات عديدة لرفع المطالب والضغط في سبيل تحقيقها، كان آخرها ما تم أمس الجمعة 9/9/2011م، والأصل أن الشعب بعد الثورة صار هو السيد الذي يجب أن يطلب فيُطاع، ويرغب فيُستجاب له، ولا يصح مطلقًا أن نضطره إلى اللجوء إلى التظاهر والاحتجاج المرة بعد المرة للاستجابة لبعض الطلبات دون البعض الآخر.
إن المشكلة الحقيقية تنبع من عدم الشعور باستمداد الشرعية من الشعب، والحل الجذري فيما نرى يتمثل في التعجيل بإجراءات نقل السلطة من المجلس العسكري إلى السلطة المدنية المنتخبة انتخابًا حرًّا نزيهًا من الشعب، ومن ثَمَّ تشعر هذه السلطة بأنها تستمد شرعيتها من الشعب وتدين بالولاء للشعب وتخشى غضبة الشعب إذا أساءت فيسحب الثقة منها أو يسقطها في الانتخابات التالية، وبالتالي تسارع إلى تلبية مطالبه جملةً وتفصيلاً وتمتنع عن ارتكاب ما لا يُرضيه، وهذا هو السبيل لتنفيذ كل المطالب الجزئية التي خرج من أجلها إخواننا المتظاهرون في جمعة الأمس.
إن الأمر يستلزم خريطة زمنية محددة للمسيرة الديمقراطية والانتقال إلى السلطة المدنية دون إبطاء أو تأخير، وهو ما يقطع الطريق على القوى الداخلية والخارجية التي تسعى لإجهاض الثورة أو تيئيس الناس منها أو إشاعة الفوضى والاضطراب في ظل إطالة الفترة الانتقالية.
وهذا ما يفرض على القوى السياسية الوطنية أن تتيقظ لما يُحاك ضد الثورة، وأن تنكر ذواتها، وأن تحرص على التوافق الوطني العام في ظل احترام الإرادة الشعبية والقواعد الديمقراطية .
أما ما حدث بالأمس من عنف واعتداءات على وزارة الداخلية وحرق مبنى الأدلة الجنائية للمرة الثانية وعدوان على مديرية أمن الجيزة والاصطدام بالجنود وحرق بعض المركبات فهي أمور يرفضها الإخوان المسلمون ويطالبون بسرعة التحقيق العادل فيها، ويدينون فاعلها باعتبارها ملك الشعب ويرفضون استخدامها في التضييق على حقوق الشعب وحرياته، أو مواجهة الأخطاء البسيطة بعنف أمني وصدام ومحاكمات عسكرية تعيد إخراج الماضي القريب البغيض.
إن التباطؤ والتساهل في حقوق شهدائنا من الجنود الذين قتلهم الصهاينة على الحدود وعدم اتخاذ موقف حاسم والتردد في مسألة سحب السفير المصري، والغطرسة الصهيونية برفض مجرد الاعتذار، وكذلك إنشاء جدار خرساني كبير حمايةً للسفارة من أهم الأسباب التي أدَّت إلى انفجار الشعور الوطني في نفوس المصريين، وعلاج ذلك يكمن في استجابة السلطة سواء كانت السلطة المؤقتة الآن أو السلطة المدنية المقبلة لإرادة الشعب واحترام كرامته.
لقد تم الإعلان مرارًا عن أموال ضخمة من الخارج تُنفق لمحاولات مستميتة لتعطيل الثورة وإثارة الخلافات، ولا ريب أنها للعبث بمقدرات هذا البلد ومستقبله، واليوم نسمع عن مصدر أمني أن هناك أيادي خارجية متورطة في أحداث عنف الأمس، ومنذ زمن ونحن ومعنا الشعب نطالب بإزالة التعتيم المتعمد ونطالب بالشفافية الواضحة لنعلم مَن يعمل لصالح الوطن ومَن يعمل ضد مصالحه فهل سيطول انتظارنا؟
ومرة أخرى نقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)) (التوبة).
الإخوان المسلمون
القاهرة في: 12 من شوال 1432هـ الموافق 10 من سبتمبر 2011م