لم أعد أستغرب من إصرار ابني العزيز على شراء هدية جديدة كل 12 ساعة، وكثيرًا ما أتأمله في وصلات الزنِّ المتواصلة لعل وعسى أن يحن قلب العبد لله لبكائه الذي بالمناسبة لم يعرف طعم الدموع إلا بعد أن شاهد دموع تلك السيدة الكريمة التي فجرت أعظم الاكتشافات العصرية بعد اكتشاف كرامة المواطن المصري؛ حيث أثبتت للعالم أجمع أن الرئيس مبارك ينتهي نسبه إلى عائلة الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه، وإن كانت لم تذكر أن النسب للعائلة الشريفة من ناحية عمه أبو لهب، وكنت دائمًا أهرب من وصلات الزنِّ المتواصلة لفضاء الإنترنت الواسع؛ لمتابعة الأخبار من هنا وهناك، وفوجئت أن ظاهرة الزن ظاهرة منتشرة جدًّا خاصة من بعض الجرائد المملوكة لأحد رجال الأعمال المشهور عنهم الثورية الوطنية الانبعاثية التقدمية، والتي أثبتت أن "إيجبت اليوم" لا تختلف عن إيجبت الأمس، بناءً على تأكيدات رئيس تحريرها على أن الجريدة تضرب أروع الأمثلة في الحيادية مع الإخوان، ولم يسبقهم في هذه الحيادية إلا فتحي سرور لما قال لنواب الإخوان في آخر جلسات مجلس الشعب المنصرم "نشوف وشكم بخير".

 

وبعد أن تأكدت الجريدة أن جماعة الإخوان لا تؤثر فيها موضوع الانقسامات والانشقاقات والقيادي الفلاني اللي ساب الإخوان وكتيبة الشباب الفلانية التي تمردت على الحرس القديم العجوز وغيرها من الاتهامات التي تعودنا عليها فلجأت الجريدة حينها لإظهار أن الإخوان ركبوا موجة الثورة من أول الشرق الأوسط لغاية نجوم (إف إم)، وأظهرت الجريدة أن الإخوان انتهازيون لدرجة أنهم وزعوا على جميع رجال الجماعة بانتاكورات تحت الركبة لزوم ركوب الموجة، ولكن اللي يحفر حفرة لأخيه يقع هو فيها، وعرف الجميع دور الإخوان في الثورة عامة ويوم معركة الجمل، ويظهر فيديو موجود على الإنترنت لصاحب الجريدة الذي أشرنا له سابقًا يشيد بدور الإخوان في المعركة، وأثبت أن دورهم لا يخفى على أي نجيب، وأنه لا مجال لأي جلاد للإخوان في هذه النقطة، مما دفع رئيس التحرير للعب على أوتار النغمة القاضية على شعبية الإخوان.

 

وبعد أن ثبت في أكثر من موقف الكذب المتواصل لتلك الجريدة التي كنت أتابعها لفترة طويلة قررت أن أقاطعها بعد أن تخلت عن أصول المهنة، ولكن الشيطان شاطر خاصة بعد رجوعه نشيطًا من أجازته السنوية في رمضان، فقررت معاودة قراءة تلك الجريدة لما رأيتها مع زميل لي فبدأت بالعناوين ولفت نظري أن ابني العزيز لم يكن مخطئًا في طريقة إجباري عن طريق الزن، فوجدت أكثر من مقال منها مقالات مكررة بالنص دون تعديل حتى علامة استفهام لتبدو كمقالة جديدة، وكلها توجه السهام نحو نجلي الدكتور محمد مرسي بإظهارهم في الصورة التي أصبح يكرهها كل مواطن، فالشعب أصبح لديه هاجس من ابن المسئول أو ابن المدير أو ابن الرئيس، فظهرت المقالات لتوضح أن نجلي الدكتور مرسي قد استخدما سلطة والدهما للتهجم على الظابط المسكين الذي وقف لا حول له ولا قوة أمام شتائم أولاد كبير حزب الإخوان، بل وزاد الطين بلة أن الجريدة أظهرت أن وزارة الداخلية ضغطت على الظابط لكي يتنازل عن المحضر خوفًا من وصول الموضوع للمرشد وساعتها البلد هتتقلب والظابط هيتنقل من الزقازيق إلى منشية أبو فجلة في جنوب الكرة الأرضية، ولكن من قبيل الحيادية أشارت إحدى المقالات إلى ما قاله البيان الرسمي للحزب في الشرقية، ولكن كاتب المقالة خشي أن يقتنع الناس ببيان الحزب فأردف قائلاً: "رغم البيان فإني أميل لتصديق الظابط"، وكأن تصريحات الحزب صادرة عن لجنة السياسات بتاعة جيمي وأعوانه.

 

الموقف حتى لو كان بالصورة التي روتها الجريدة لا أعتقد أنه يستحق كل هذه الضجة التي تجعلنا نفرد الصفحات الطوال لها، فهي حادثة عادية يحدث أبشع منها ولا نرى أي كاتب يكتب عنها، ولو في كشكول الإملاء بتاع الواد ابني في الحضانة، فللأسف لم تتعلم الجريدة من سابق بلاويها من توجيه الرأي العام ووبال ذلك على مبيعاتها ولا زالت ترفع شعار "لو عاوز جرنانك يتنشر.. اشتم الإخوان بالمفتشر" لترسل رسالة لكل مصري يميل أو يتعاطف مع الإخوان ها هم الإخوان لم يحكموا البلد بعد وحالهم زي الحزب الوطني مفيش فرق، فما بالكم لو حكموا البلاد؟ طبعًا رسالة يفهمها الشعب المصري الذي يعرف جيدًا مصلحته، وهذا ما ستسفر عنه الأيام القادمة.