كتب- سارة محمد علي ومحمد يحيى وعبير محمد:
في مشهد يعد أبلغ ردِّ فعل على ما يثار حول الانقسامات واتساع الفجوة بين قيادات الجماعة متمثلة في مرشدها العام وأعضاء مكتب الإرشاد وأعضاء المكاتب الإدارية وبين صفوفها وشبابها، اصطف اليوم 4 من تلك القيادات في موقع "المستمع" الذي يتلقى الأسئلة ليجيب عنها بكلِّ وضوح وشفافية أمام ما يزيد عن 3000 طالب من مختلف الجامعات المصرية، ضمن فعاليات مؤتمر طلاب الإخوان الأول بعد الثورة.
ولاقت الفقرة الخاصة بالحوار المفتوح بين القيادات السابق ذكرها والطلاب ترحيبًا شديدًا من حاضري المؤتمر لما اتسمت به من شفافية ووضوح، ليبقى المشهد متلخصًا في مناقشات ساخنة بين د. محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، ود. رشاد بيومي، وأ. جمعة أمين نائبي المرشد، والطلاب الذين حملت أسئلتهم ملفات شائكة وساخنة، وإلى نص الحوار.
* ما هي وسيلة التواصل معكم ومع أعضاء مكتب الإرشاد؟
** هناك نوعان من التواصل بين الناس أولهما وأهمهما التواصل الروحي وثانيهما التواصل المادي، فأما الروحي فنحن لا بد أن نتواصل روحيًّا يوميًّا، ونحن نتلوا ورد الرابطة، وكل منا يتذكر إخوانه في الجماعة الذين يعرفهم والذين لا يعرفهم سواء في داخل مصر أو في أي بقعة من بقاع أرض الله، ويستشعر بقلبه وروحه أنه التقى أحباءه وجالسهم، وهذا التواصل الروحي أرقى وأسمى وأروع من التواصل المادي.
أما التواصل المادي والذي هو مطلوب أيضًا فإنه يكون عن طريق إيصال المقترحات أو الشكاوى عن طريق المسئول المباشر، وإن لم يكن فعن طريق البريد الإلكتروني الخاص، وأؤكد لكم أنني أتابعه بنفسي وأقرأ أسئلتكم وأرد عليها وما يحتاج تدخل أي عضو مسئول في أي مكان فأحيل له الأمر وأتابع تنفيذه لما كلف به أو أوصى أحد بمتابعته المستمرة مع موافاتي بالتطورات أولاً بأول، وتذكروا دائمًا أن كلمة الحق "لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها".
* كيف نحافظ على هويتنا في الوضع الحالي كطلاب إخوان؟
** يجب أن يتذكر كل شاب أن الهويات مهما ذابت ومهما توحدت فأنت مميز بأخلاقك وسلوكياتك المختلفة دائمًا عن الآخرين، والتي تجعله يتساءل عنك وعن هويتك وانتمائك الذي يجعلك تتعامل مع الناس بتلك الأخلاقيات الراقية.
وأذكر موقفًا لأحد الإخوان الذين كانوا في أوروبا ولاحظ أحد المحيطين به سلوكياته الرائعة والتي تختلف عن سلوك الأشخاص الذين اعتاد الغرب على لقائهم والتعامل معهم، فذهب ذلك الرجل إلى الأخ المسلم وسأله إلى أي طريقة صوفية تنتمي؟ فرد الأخ: إلى الطريقة الحسنية فسأله الرجل ما هي الطريقة الحسنية تلك؟ فقال الأخ: الطريقة الحسنية البنية، وكان يقصد بها مدرسة الإخوان المسلمين التي أنشأها حسن البنا.
وهذا ما يجب أن يكون عليه كل شاب من شباب الإخوان المسلمين، فلا بد أن يكون قرآنًا يمشي على الأرض يتحاكى الكل عن أخلاقه وصفاته ومعاملاته، ومهما ذابت الهويات يبقى هو مفصحًا عن هويته بسلوكه لا بكلامه، ومهما حاول الآخرين تقليده لن يستطيعون؛ لأن الأصل دائمًا هو الباقي.
ويجب أن يتذكر كل طلاب الإخوان المسلمين أنهم أطباء يداوون المجتمع من أوبئته ولكن عليهم تحصين أنفسهم حتى لا تنتقل إليهم العدوى.
* أين نحن كطلاب إخوان من مشروع "أسامة بن زيد" لإعداد القادة الذي طرحته فضيلتك من قبل؟
** لقد تكلمت في هذا المشروع من قبل على إحدى الفضائيات، لكن في الوقت الحالي أمامنا الكثير من الأعمال التي جعلت الوقت يداهمنا، واضطررنا لتأجيل هذا المشروع لبعض الوقت إلى أن نطرحه من جديد.
* إلى أين وصل ملف التطوير؟
** لقد بلغت عدد الاقتراحات التي وصلت إلى م. خيرت الشاطر حوالي الأربعة آلاف اقتراح مكتوب، وأضاعفهم على شبكة الإنترنت، وذلك كله يحتاج لبعض الجهد والوقت حتى يتم تنسيقها والنظر فيها.
وأعدكم أن أول باكورة التطوير سيتم عرضها على مكتب الإرشاد الأسبوع المقبل.
* ما هو دور الإخوان وخصوصًا طلاب الجامعات في العمل السياسي حاليًّا؟
** سيكون هناك برنامج جديد، وستكون مصر عن طريق هذا البرنامج غير مصر التي هي حاليًّا، فمصر كانت جريحة ولم تكن ميتة، وها هي الآن تستيقظ وتستكمل شفاءها وعافيتها في حين مرض الآخرون الذين لطالما انتظروا موتها، وما يحدث اليوم هو خير دليل على ذلك، فما بالكم إذا فتح الله لكم أبواب الخير.
وأرجو منكم الآن أن تتعارفوا على كل قوى مصر، فلا توجد قوى في مصر تستطيع أن تنهض بها وحدها، وقد تعلمنا هذا من تجربة الميدان التي جمعت جميع ألوان الطيف السياسي لتنتج ضوءًا أبيض.
* كيف أوفق بين دراستي وعملي الدعوي؟
** لكم في تجربة المخيم خير دليل؛ حيث التعايش بين جميع الأخوة وتفعيل دور القدوة بينهم، وكما يقولون إن حال رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل، وهذه التجربة التربوية ستختصر عليكم الكثير من عيوب التجربة التربوية المغلقة.
فالمعايشة المستمرة هي خير وسيلة للتغيير، وأنت عندما تنتظم في أسرتك ستجد أن الله يحببك للخير ويحبب الخير إليك، والإخوان حريصون على تعليمكم كيفية التوازن بين أعمالكم وترتيب أولوياتكم، فضلاً عن أن القيم التي تتعلمونها هي التي تؤهلكم لتعلم العلم، فبناء الفرد أصعب من بناء المصانع والمؤسسات وغيرها.
* ما الخطة التي يتبناها الإخوان لتثقيف الصف- من الطلاب- بالعلم الشرعي؟
** هناك مواقع على الإنترنت موجودة لإمدادكم بالعلم الشرعي، وهناك مشروعات بدأ تنفيذها بالفعل من قبل أساتذة الإخوان بالأزهر الشريف، حتى نستعيد الكيان العلمي الشرعي ونرى العلماء الأفاضل، أمثال الشيخ يوسف القرضاوي من جديد، وأرجو منك الآن أن تسعى بنفسك وتستخدم الوسائل الميسرة الآن لتتعلم العلم الشرعي، ومواقع الإنترنت الآن موجود عليها كل الكتب التراثية والشرعية (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17))(القمر).
* يرى بعض الشباب أن د. عبد المنعم أبو الفتوح هو الشخص المناسب لتولي رئاسة مصر، فلم ترفض الجماعة هذا الرأي؟
![]() |
د. رشاد البيومي يجيب على أسئلة الطلاب |
وقال د. رشاد: إن أول صفات الأخ في جماعة الإخوان المسلمين هو الالتزام بالسمع والطاعة، وهذه الصفة التي تميز بها من سبقنا من الإخوان طوال السنين الماضية.
وهنا أضرب مثاليين في السمع والطاعة، أولهما مشهد اجتماع ملايين الناس في ميدان عابدين ومحاولة كل القوى فض التجمع ولم تنجح، إلا أنه بمجرد إعلان الشهيد عبد القادر عودة الانفضاض لم يبق شخص واحد في الميدان، أما الآخر فهو مشهد الإستاد أيام حرب العراق وأمريكا وبإشارة واحدة، انصرف الجميع.
فهكذا تربينا وتعلمنا والتزمنا، وكانت الأمور واضحة من حيث عدم ترشيح أحد من الإخوان المسلمين لمنصب رئاسة الجمهورية، وألحق بهذا الكلام أن الإخوان لن يؤيدوا أحدًا من الإخوان.
وأعقب أن د. أبو الفتوح لم يلتزم بهذا، والإخوان لم يفصلوه بل هو الذي فصل نفسه، والآخرين الذين يدعموه يقومون بمخالفة صريحة لقرار الإخوان، فلا بد من تنفيذ قرارات مكتب الإرشاد؛ لأن الأمر لا يوجد به مسائل شخصية، بل أكبر من ذلك بكثير، وكل فرد يحاول أن يخرج عن هذا الجانب مرفوض.
وتابع د. بديع حديثه قائلاً: نحن لن نعلم قرارنا في اختيار المرشح إلا بعد إغلاق باب الطعون حتى يكون قرارنا نهائي، فالأصل في الجماعة أنها تجمع ولا تفرق، فالجميع محل تقدير منا.
وبما أنه حتى الآن لم يفتح باب الترشيح، ولم نتعرف على برامج المرشحين، فسننتظر لنجتمع مع مجلسنا ونتشاور معهم، ومن ثم نجتمع مع القوى السياسية للاتفاق على من سندعمه، ثم يأتي الرئيس والذي سيصبح بمثابة الترس الصغير الذي سيدور مع باقي دروع مصر، فإذا حاول أن يدور عكس تروس مصر ستكسر أسنانه.
* بماذا توصينا في العلاقات بيننا وبين إخواننا ومسئولينا؟
** خير نموذج يمكنني أن أعبر لكم به عن ما أريد قوله هو نموذج الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين، ففي لائحة الجماعة لا يوجد ما يسمح بضم أعضاء شرفيين لمكتب الإرشاد، وأنا كنت أتمنى بعد خروجه من مكتب الإرشاد أن يبقى عضوًا شرفيًّا يساعدنا ويعطينا من أفكاره ودرره التي يكنها داخله ولكن لم أتمكن من ذلك.
وأذكر يوم توليتي منصب المرشد العام كان الأستاذ عاكف هو أول من هنأني وقال لي اطلبني في أي لحظة تجدني رهن إشارتك، وبالفعل قد كان، فلم نحتج له في أي لحظة إلا وجدناه بجوارنا، وعندما كانت تشتد الأزمة كان يأتي يعطينا مقترحاته ويمضي دون أن يسأل عنها بعد ذلك، فالمهم عنده هو أن أوصل كلمته التي يرى بها الأصلح للجماعة.
ورغم أن لهذا الرجل مكانة عالية جدًّا عندنا وكونه مرشدًا عامًّا سابقًا إلا أنه لا يتخذ قرارًا فرديًّا أو يفعل شيئًا دون الرجوع للجماعة حتى عندما قامت الثورة، كان يتمنى نزول ميدان التحرير وأتى من بيته لي خصيصًا ليستأذن في النزول، وعندما تناقشت معه وأعلمته برغبة مكتب الإرشاد في عدم نزوله، وشرحت له الحيثيات عاد إلى بيته قائلاً: سمعًا وطاعة إلى رأي الشورى.
وأقول لكلِّ شاب ضع أمامك نموذج هذا الرجل الرائع الذي لا ينظر لا إلى منصب أو مكانة بل كل ما يهمه هو مصلحة الوطن ومصلحة الدين ومصلحة الجماعة.
![]() |
المرشد العام وبجواره أ. جمعة أمين ود. رشاد البيومي |
* لماذا لا يتم نشر مداولات اتخاذ القرارات التي تتخذها الجماعة؟
** من بديهيات العمل العام ألا تفصح عن مداولاتك ومناقشاتك، لكننا ننشر مبررات القرار في البيانات التي نصدرها وأكثر وقت فعلنا فيه ذلك كان أيام ثورة 25 يناير، فقد كنا نصدر بيانًا يوميًّا فيه موقفنا من تطورات الأحداث وحيثياتنا في اتخاذ القرار، وقد كان يرى العالم كله مدى تعقلنا وإدراكنا الصحيح للمواقف.
وقد تعمدنا أيام الثورة أن يجتمع مجلس شورى الجماعة كاملاً قبل سقوط الطاغية بالرغم من خطورة هذا الاجتماع إلا أننا أصررنا عليه حتى نتخذ الموقف بالشورى والإجماع ولا يكون موقفًا فرديًّا.
* كيف تكون العلاقة بين طلاب جماعة الإخوان المسلمين ونشاط الحزب داخل الجامعة؟
** سوف يوضع برنامج كامل لهذا التصور ويعرض على جميع الطلاب في جميع أنحاء الجمهورية وسوف يتحقق في هذا البرنامج دوركم المنشود لجعل مصر النهضة السابقة السباقة لكلِّ الأمم وقائدة العالم.
وتذكروا جيدًا عند عملكم في الجامعة أن تحذروا الخلافات والصراعات حتى وإن حاول المغرضون أخذكم في اتجاهها، وإياكم والتعصب، واجعلوا من حرم جامعاتكم ميدان تحرير جديد يكون الكل فيه يدًا واحدة مجتمعة على قلب رجل واحد، وتهدف لهدف واحد وهو مصر النهضة.
* هل ستنفصل الجماعة عن العمل السياسي بظهور الحزب؟
** الحزب هو ابن الجماعة، ولن تترك الجماعة العمل السياسي بظهور الحزب بل سوف تبقى أيضًا في العمل السياسي، ولن تكتفي بالعمل السياسي فقط بل سوف تنشئ الجماعة مستشفيات وجامعات وفرقًا فنية ورياضية، وكلها على قيم الجماعة التي تربَّى عليها أبناؤها.