- د. ثريا عبد الخالق: مرشحو فلول الوطني المنحل سيشترون الأصوات بلحوم الأضاحي

- د. منال أبو الحسن: الإخوان أصحاب مدرسة متميزة في التواصل القانوني مع الناخبين

- د. الشحات الجندي: ينبغي عدم استغلال خطبة العيد والأضحية للترويج للمرشحين

- د. حمدي عبد العظيم: فاتورة الدخول لبرلمان الثورة ستصل إلى 15 مليار جنيه

 

تحقيق: الزهراء عامر

 

دخل التنافس على برلمان الثورة مرحلة الجد، وذلك بعد انتهاء الأحزاب من تقديم قوائمها ومرشحيها الفردي وانتهاء فترة الطعون، ويبقى الآن فقط اجتذاب أصوات الناخبين للمرشحين عن طريق الدعاية الانتخابية التي فتحت أبوابها للمنافسة الشريفة بين برامج الأحزاب والمرشحين.

 

ولأول مرة بعد سنوات من إجراء الانتخابات الصورية المزيَّفة وتزويرها الذي كان يبدأ بشطب المرشحين ومنعهم من التعريف بأنفسهم ومنع الدعاية الانتخابية وشراء أصوات الناخبين إلى أن ينتهي بتسويد البطاقات وإعلان نتيجة فوز الحزب الحاكم بالتزوير؛ يهتمُّ المواطن المصري بمعرفة برامج الأحزاب وخططهم للانتخابات، ولا يحاول أن يحكم على الظاهر مثلما كان يفعل في العهد البائد.

 

وبالرغم من بدء الحملة فعليًّا فإن هناك بعض التجاوزات التي دأب عليها مرشحو فلول الحزب الوطني المنحل، واستخدام نفس أساليبهم القديمة؛ من استغلال سلاح المال أبشع استغلال، واستخدام البعض الشعارات الدينية، وصدور العديد من الفتاوى التي لا تليق بالعملية الانتخابية.

 

ورغم أن حد الإنفاق للدعاية زاد هذه المرحلة ليصل إلى نصف مليون جنيه للمرشح الفردي و4 ملايين للقائمة، فإن مستخدمي سلاح المال تجاوزت دعايتهم هذا المبلغ بكثير جدًّا، وهو مؤشر خطر قد ينسف التجربة الديمقراطية التي تسعى مصر الثورة للانتقال إليها، وأن تكون الانتخابات بين البرامج الحزبية وليس بين الأشخاص، لكن المجلس العسكري الحاكم أصرَّ على مخالفة مطالب الأحزاب السياسية بإجراء الانتخابات وفق نظام القائمة النسبية، وإصدار قانون العزل السياسي لتطهير الحياة السياسية من فساد فلول الحزب الوطني المنحل وأحزابهم الجديدة.

 

فرضت الدعاية الانتخابية التي تزامنت بدايتها مع عيد الأضحى واقعًا مختلفًا في شكل االدعاية الانتخابية وترويج المرشحين لأنفسهم والسباق لإرضاء أكبر شريحة ممكنة من الناخبين، مستخدمين سلاح "لحوم الأضاحي" و"الإعانات" في العشوائيات والأحياء الفقيرة؛ لضمان الفوز في الانتخابات المقرر لها يوم 28 من الشهر الجاري.

 

(إخوان أون لاين) يناقش ضوابط الدعاية الانتخابية في عيد الأضحى المبارك في سطور التحقيق التالي:

 

ضوابط الدعاية

توضح الدكتورة ثريا عبد الخالق، أستاذ الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن نمط الانتخابات وطريق سيرها في المجتمعات الديمقراطية تحدِّده الضوابط القانونية لها، وخاصةً فيما يتعلق بالدعاية الانتخابية وآلياتها التي تمنع الرشاوى الانتخابية وشراء أصوات الناخبين.

 

وترى أنه مع استمرار النظام السابق وترشُّح فلوله في الانتخابات المقبلة فإن حاجاتهم لشراء أصوات الناخبين أكبر بعد سقوط النظام المؤيد لهم الذي كان يزوِّر لهم الانتخابات ويمنحهم المقاعد، موضحةً أن مواكبة فترة الدعاية الانتخابية لعيد الأضحى المبارك هذا العام ستكون فرصةً سانحةً لهم، لاستغلال توزيع اللحوم كنموذج حي للرشاوى الانتخابية وشراء أصوات الفقراء.

 

وتوضح أن الشعب المصري ليس شريحة اجتماعية واحدة، وما زالت مشاعر الفقراء كما هي، خاصةً في مثل هذه المناسبة التي ينتظرونها كل عام للحصول على الغذاء؛ لأن أوضاعهم ما زالت كما هي، وبالتالي سيتأثرون بمثل هذه الأشياء، أما الشرائح المتوسطة فربما لا تؤثر فيهم رشاوى الفلول، بل من الممكن أن يمتنعوا عنها.

 

وحول تأثر الناخبين بالدعايات الانتخابية ترى أن الشعب المصري بطبعه شعب ودود وعاطفي للغاية، وميَّال لأن يتظاهر إنسانيًّا أنه يرحِّب بالغريب والقادم، وخاصةً أنه لا يوجد وعي كافٍ بدور المرشح والعضو النيابي، وهذه الأمور قد تؤثر في نفوس، ولكن لا تكون المعيار أو المحك لاختيار النواب بعد الثورة.

 

وتشير إلى أن أساليب الدعاية الانتخابية وآلياتها ومضمونها تختلف حسب طبيعة النظام السياسي والثقافة السياسية في المجتمع؛ ففي الدول الديمقراطية تقوم الدعاية على أساس  المناظرات بين المرشحين والدوائر والحلقات النقاشية؛ لمعرفة مدى جديه المرشح وبرامجه، فضلاً عن المساواة بين جميع المرشحين في عرض برامجهم في وسائل الإعلام المملوكة للدولة أو تخصص لهم قناة.

 

وتضيف: إذا كنا نريد ممارسةً عمليةً ديمقراطيةً حقيقيةً فلا بد أن نعرف أنواع الدعاية ووسائلها التي تحترم المواطن المصري الجديد، وهل هي وعود أم التزام حزبي؟ هل ستعطي رشاوى انتخابية لشراء أصوات الناخبين أم ستحترم إرادتهم واختيارهم؟، موضحةً أن عملية تمويل الانتخابات تعدُّ جريمةً في حق الوطن في الدول الديمقراطية.

 

وتحذر من وجود ديمقراطية شكلية من خلال برامج أو أحزاب أو من خلال اختيار بعض الرءوس الديمقراطية، مشددةً على ضرورة أن يكون التنافس بين البرامج وليس الأشخاص، بالإضافة إلى وجود شفافية في عرض البرنامج؛ حتى يستطيع الشعب أن يحاسب الحزب في حالة عدم تنفيذ برنامجه؛ لأن العملية الديمقراطية ليست وعودًا ولكنها برامج وسياسة تحكم هذه الوعود.

 

مدرسة الإخوان

 الصورة غير متاحة

 د. منال أبو الحسن

وفيما يتعلق بأشكال الدعاية التي تؤثر في الجماهير توضح الدكتورة منال أبو الحسن، أستاذ الإعلام بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، أن هناك وسيلتين من أقوى الوسائل في التأثير في الجمهور، وهما الاتصال الشخصي المباشر مع الجماهير، وتعتبر أقوى وسلية تواصل، والاتصال الإلكتروني، ويعدُّ أرخص وأسرع وسائل الاتصال للدعاية الانتخابية، بعكس وسائل الإعلام الجماهيرية التي تفتقد للتوافق المباشر مع الجمهور، ولا تصل إلى الشريحة المستهدفة، فضلاً عن أن فرصة تصحيح المعلومة أو المصطلح ضعيفة جدًّا، بالإضافة إلى أن المعلومات لا تصل للفئة المستهدفة بشكل مباشر، كما أن تكاليفها مرتفعة ووقتها محدود وضيق، أما الاتصال الشخصي المباشر فيتيح إمكانية تصحيح المعلومة.

 

وتؤكد أن وسائل الدعاية الانتخابية لا بد أن تواكب عهد الثورة والديمقراطية، وتهتم بالحوار والاتصال المباشر بالجماهير باستخدام الوسائل الحديثة، موضحةً أن الدراسات الحديثة أكدت أن الإخوان أصحاب مدرسة لها السبق والتميز في استخدام الإعلام الجديد المتمثل في الوسائل الإلكترونية الحديثة في الدعاية الانتخابية، مثل: "البالتوك، والبامبيوز للبث المباشر للصور"؛ الأمر الذي  مكَّنهم من الوصول إلى أدق فئات الشعب بجانب الاتصال المباشر عن طريق حملات طرق الأبواب، وظهر هذا جليًّا في مشاركاتهم الانتخابية السابقة.

 

وتستنكر بدء المرشحين حملات الدعاية الانتخابية قبل موعدها الرسمي، مؤكدةً أن مجلس الشعب القادم مهمته الأساسية وضع دستور جديد للبلاد، وملء الشوارع بالدعاية والإعلانات قبل أوانها مؤشر سلبي على نوعية الأشخاص الذين سيقومون بوضع الدستور القادم للبلاد.

 

وتطالب الشعب المصري بنبذ كل من يخالف القانون ببدء حملته الدعائية قبل موعدها؛ لأنه  غير أمين على هذه المهمة وغير مسئول ولا يستطيع أن يحفظ حقوق المواطن؛ لأنه جعل مصلحته الشخصية فوق القانون.

 

وتشدِّد على ضرورة الالتزام في الدعاية الانتخابية بالعمل الإيجابي من أجل مصلحة مصر ومستقبلها، وذلك بالبعد عن الدعاية السلبية وإنهاء مرحلة التخوين والتخويف للتيارات السياسية المختلفة.

 

أضحى الثورة

 الصورة غير متاحة

 د. محمد الشحات الجندي

ويوضح الدكتور محمد الشحات الجندي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، أن عيد الأضحى هذا العام له مذاق خاص؛ لأنه يأتي بعد ثورة 25 يناير، وسط ترقب من جموع المصريين نحو تدشين مرحلة جديدة يتمتع فيها المواطن بالأمن والاستقرار، ويحقق أهدافه بحرية وعدالة، مؤكدًا ضرورة توفير أجواء الأمان بالبعد عن التناحر السياسي؛ لكي ينعم كلٌّ منا بعلاقات الأخوَّة والسلام والمحبة.

 

ويرى أنه لا يجوز في هذه المناسبة التستر بعباءة الدين، وفرض اختيار إنسان معين أو استغلالها للدعوة لحزب معين باسم الدين، لأنه لا بد من إبعاد الدين عن الرغبات والانطباعات الشخصية؛ ليفتح المجال للمنافسة الحقيقية لمن لديه برامج جادّة ويحرص على هويَّة الوطن وخدمة المجتمع.

 

ويشدّد على أنه ينبغي ألا تستغل خطبة العيد في الدعاية الانتخابية، أو تستغل حاجة الفقراء وتُشترَى أصواتهم الانتخابية بقطعة من اللحم؛ ليظهر المرشح أنه رجل البر والإحسان والعطاء، فهذا لن يكون مقبولاً لأن الأضحية هدفها الأساسي التقرب إلى الله وامتثال أوامره.

 

المال السياسي

 الصورة غير متاحة

 د. حمدي عبد العظيم

ويحذر الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبد العظيم، الرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، من سطوة رأس المال على الانتخابات، خاصةً أن المجتمع المصري يمر بظروف اقتصادية صعبة، أثرت في أغلب مواطنيه، وأدت إلى زيادة عدد الفقراء، متوقعًا أن يكون لسلاح المال كلمة في توجيه إرادة الناخبين، وهو ما يؤدي إلى إفساد الحياة السياسية في ظل انتشار الفقر والجهل والأمية، موضحًا أن الجميع يريدون حصد أكبر عدد من مقاعد برلمان الثورة بأي وسيلة، سواء كانت مشروعةً أم لا.

 

ويشير إلى الدور الكبير الذي يلعبه سماسرة الانتخابات في المناطق الفقيرة لشراء الأصوات، موضحًا أن المال السياسي لن يغيب، وإنما يعمل بطريقة أخرى ويغذي التربيطات، موضحًا أن هناك مرشحين ينفقون أضعاف الرقم القانوني المسموح به للدعاية، ويدَّعون أن لم يتجاوزوا الحد القانوني‏، منتقدًا عدم وجود وسيلة للتأكد من سبل الإنفاق على الدعاية لكل مرشح‏.

 

ويتوقع أن تصل فاتورة الانتخابات المقبلة إلى 15 مليار جنيه لانتخابات الشعب والشورى معًا، مؤكدًا أنه سيكون هناك تحايل على مبلغ الحد الأقصى للدعاية، على الرغم من أن الرقم الذي حددته اللجنة متسع وليس قليلاً.