- 2005م حددت هدفي بـ"إحياء الأمل في الشباب"

- لدينا مقومات الوصول إلى جودة الحياة كاليابان

- أتمكن من تحقيق أهدافي كاملة بوجود "الإرادة"

- تعلمت التنظيم والتخطيط والإرادة في مدرسة الإخوان

 

حوار: يارا نجاتي

 

مفارقة واحدة تسترعي انتباهك حين تحاور د. محمد سعد أبو العزم، وهي عدم التناسب بين ما يمتلكه من خبرات علمية وعملية وبين حداثة سنه، فهو ابن 36 ربيعًا، وأحد أبرز مرشحي حزب الحرية والعدالة الذي دفع به للمنافسة على مقعد الفئات في دائرة مصر الجديدة والنزهة والشروق وبدر.

 

تخرج من كلية العلوم (قسم الكيمياء الحيوية) بجامعة عين شمس، وواصل دراسته ليحصل على ماجستير في الجودة، ودكتوراه في إدارة الأعمال، ويعمل حاليًّا كمحاضر في مجالات التنمية والإدارة مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، في مجال تأكيد الجودة.

 

تنقل بين عدد من المناصب حتى عمل في أعلى هيئة لتقييم الجودة بمصر، وأصبح مراجعًا دوليًّا معتمدًا لكافة مواصفات الأيزو، ومحاضرًا بجامعة عين شمس لمادة الإدارة، ومؤسسًا لمركز القاهرة للدراسات التركية.

 

نشأ في أسرة مصرية ملتزمة، فكان والده معلمًا بالأزهر الشريف، ووالدته محاسبة بشركة قطاع عام، وانضم مع إخوته الخمسة إلى جماعة الإخوان خلال المرحلة الجامعية في التسعينيات؛ حيث فترة النشاط والنظام الواسع للعمل الطلابي، وكما يقول: "في البداية أردت التعرف على كافة الأنشطة الطلابية لأختار في النهاية".

 

مواهبه متعددة منها الكتابة الصحفية التي حصل على عدد من الجوائز فيها، وله مؤلفات قليلة حول تجارب النجاح والنهضة بمختلف الدول النامية سابقًا، وما زال يمارس رياضته المفضلة بنادي الشمس كلاعب لكرة القدم التي تميز بها خلال لعبه كحارس مرمى لفريق الجامعة، والإسكواش، كما شارك بالتمثيل والإخراج في عدد من المسرحيات.

 

أجرينا معه هذا الحوار للتعرف أكثر على أفكاره ومؤهلاته لبرلمان ما بعد الثورة، فهو مرشح حزب الحرية والعدالة على مقعد الفئات بدائرة مصر الجديدة.

 

* هل المشاركة الأولى لك في الانتخابات البرلمانية؟

** نعم فقد توافقت رغبتي مع اختيار الحزب لي، وأشعر أن الدور الذي أستطيع الإجادة فيه هو البناء والنهضة وصناعة خطط التنمية في مصر، وأسعى أن تكون دائرة "مصر الجديدة" نموذجًا لمصر الجديدة بعد الثورة، فهي أول واجهة يراها السائح عند نزوله من الطائرة.

 

ودعم رغبتي المشاركة في عدد من الأعمال التطوعية كالجمعيات الخيرية، وبالجمعية الوطنية للتغيير من بدايتها، وموجود بفاعلية بمختلف لجان نادي الشمس لخدمة الأعضاء.

 

* كيف تسعى لتحقيق حلمك بالدائرة؟

** هناك أربعة محاور أساسية في برنامج الحزب هي (حرية وعدالة وتنمية وريادة)، أسعى لتنفيذها على مستوى مصر بالكامل، ونصنع منه نسخة مصغرة في الدائرة بكلِّ متغيراتها واختلافها عن أغلب الأحياء في مصر، فهي لا تتمتع بنفس مشاكل الفقر إلا في أجزاء صغيرة منها، وكل هذا بمشاركة الشباب فيها، وإشراك القطاع الخاص مع الهيئات التطوعية وجمعيات المجتمع المدني؛ لتوفير فرص عمل أفضل، وتدريب للشباب، وإعطائهم المهارات المناسبة لسوق العمل.

 

ومن أهم مشاكل مصر الجديدة هي مشكلة المرور التي أصبحت مشكلة مؤرقة، خريطة كاملة لحلِّ جميع الاختناقات مع المحافظة والجهات المعنية، فرفاهية العيش وجودة الحياة هدفنا.

 

* ما الذي يميزك عن منافسيك بالدائرة؟

** الميزة التي تميز مرشح حزب الحرية والعدالة أنه لا يعمل بمفرده بل بصحبة عدد ضخم من الخبراء والمتخصصين في مختلف المجالات، وهو ما سيساعد على الإنجاز بشكل أفضل.

 

قررت

* إذا أراد الناخب أن يتعرف على تكوين د. محمد سعد فماذا تقول له؟

** في صغري حلمت أن أصبح طبيبًا في مرحلة الدراسة، ولم يوفقني الله إلى تحقيق هذا الحلم، فدخلت إلى كلية العلوم، ووقتها قررت أن أكون "حاجة"، وألا استسلم للواقع؛ ومع بداية تخرجي وجدت أني بحاجة إلى الدمج بين العمل والدراسة بحيث أعمل في نفس المجال الذي درسته، فبدأت بالعمل في "الجودة" بأحد شركات الأدوية، وحصلت في نفس التوقيت على دبلومة في إدارة الجودة الشاملة من الجامعة الأمريكية، وقررت الاستمرار في نفس المجال، عندما وجدت أن مصر تحتاج إلى الجودة في كل شيء؛ حتى نصل لجودة الحياة، وتعمقت فيه فبدأت أتعرف على تجارب الدول الأخرى في الجودة والتنمية.

 

* كيف سعيت إلى تحقيق هدفك؟

** سأروي مثالاً عن أهم الفترات في حياتي، وهي مرحلة حصولي على الماجستير، كنت أستيقظ في السادسة صباحًا، وأصل إلى العمل في الثامنة، وأنصرف في الواحدة ظهرًا نصف أيام الأسبوع؛ لألحق بقطار الساعة الثالثة وعشر دقائق، لأصل جامعة الإسكندرية؛ حيث أدرس الماجستير بعدها بثلاث ساعات تمامًا، وأنهي المحاضرات في التاسعة إلا عشرة، فأتوجه مرة أخرى إلى محطة القطار لأصل إلى منزلي في الواحدة صباحًا.

 

كانت فترة تبدو صعبة ولكنها الأكثر إمتاعًا؛ لأن هناك هدفًا أسعى إليه، وهي من الدروس التي تعلمتها من أشخاص مختلفة في الحياة، أن السعادة بالعمل وتحقيق الهدف إنما تأتي من التعب والاجتهاد فيه.

 

* من حديثك خلال فترة حصولك على الماجستير، بدا أنك شخصية منظمة؟!

** أنا أحدد هدفي وأسعى للوصول إليه بكلِّ الوسائل، بعد الاستعانة بالله سبحانه وتعالى، وأبرمج نفسي وكل ما حولي للوصول إلى هدفي، ولا بد أن أصل إليه بعد مشيئة الله (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا) (الكهف: من الآية 30)، أهتم أن أضع خطة لي باستمرار حتى أحقق أهدافي، فمشكلتنا دائمًا في الإرادة، وإذا وُجِدَت تستطيع أي منظمة أو أفراد تحقيق هدفها.

 

فالتنظيم والتخطيط والإرادة مما تعلمته في مدرسة الإخوان المسلمين، وكذلك الانفتاح على المجتمع والقيام بكلِّ الأنشطة، طالما الهدف واضح وموجود كان الدافع دائمًا للتطور إلى الأمام، على عكس مما يتصوره الآخرون.

 

جودة الحياة

* وما هو مفهوم الجودة الذي قصدته وتوجهت إليه؟

** معظم الناس يشيرون إلى الجودة في الصناعات والمنتجات فقط؛ لكن ما قصدته هو مفهوم الجودة الذي وجدته في دولة كاليابان؛ حيث تشمل لديهم كل مناحي الحياة، فكل أمر له معايير وأشكال نمطية لا بد أن يكون عليها؛ حيث مزجوا بين التكنولوجيا والتميز في نمط الحياة، مع الاحتفاظ بالثقافة والأصالة المجتمعية، ومصر تمتلك المقومات كافة التي تحقق لها أعلى مستويات هذه الجودة من موارد طبيعية وموارد بشرية، وهو ما ركزنا عليه في برنامج حزب الحرية والعدالة، بتحقيق نهضة شاملة في مصر مع الاحتفاظ بالخصوصية والتقاليد المصرية في المجتمع.

 

* وكيف حددت هدفك التالي؟

** أول محاضرة ألقيتها على الطلاب بكلية العلوم في عام 2005م، كانت في مادة الإدارة في الفصل الدراسي الثاني، سألت طلاب البكالوريوس الذين سيلتحقون بسوق العمل بعد أسابيع قليلة، عن خطتهم للخمس سنوات القادمة، فرد أحد الطلاب الشجعان "سأتخرج لأدخل الجيش لمدة سنتين، وبعدها 3 سنوات للبحث عن عمل".

 

من وقتها وضعت أمامي هدف "إحياء الأمل" لهذا القطاع الكبير من الشباب الذي فقد أمله في المستقبل؛ ليعيش الشباب بهدف وأمل، ولهذا اخترت خط البناء والأمل عندما بدأت كتابة المقالات، وابتعدت عن الحديث عن الفساد وكشف الأخطاء، التي أصابت الكثيرين- رغم أهميتها- بالإحباط، فاشتغلت بالبحث عن تجارب النجاح والتميز.

 

وأنا أهتم بالشباب على وجه خاص، ففي بداية تجربتي مع الإخوان تعاملت مع الشباب في مرحلة الثانوي والجامعة، وتقربت من مشاكلهم، ووجدت أنهم بحاجة إلى نماذج تأخذ بأيديهم إلى الطريق السليم؛ ليكون هناك أمل في غدٍ مشرق، وثانيًا أثناء عملي معهم في الجامعة وجدت أن أي دولة لا تقوم لها قائمة إلا بامتلاء شبابها بالأمل، فهم الفئة التي حركت ثورة 25 يناير لصنع غدٍ أفضل لمصر.

 

دراسة واقعية

*وما طبيعة المؤلفات التي يكتبها متخصص في التنمية والإدارة؟

** أقدم تجارب نجاح واقعية، مثل "رؤيتي والتحدي"، كتاب صدر في 2007م، قدمت من خلاله نموذج النجاح والتنمية في دبي، وماليزيا، وفنزويلا، والبرازيل، ومحاربة المكسيك للفقر، والهند والصين، وتعمقت في تجربة اليابان، ووصلت إلى تاريخ نشأة النهضة بها.

 

في 2009م كتبت كتاب "رجال صنعوا التغيير" جمعت فيه تجارب متنوعة، كل ما يجمع بينهم أنهم استطاعوا إحداث تغيير بالاعتماد على مجهودهم، فمنهم رجال الأعمال، والشباب الصغير، والمشاهير، والكثير من المغمورين؛ لكنها شخصيات أرادت أن تغير في المجتمع من حولها، واستطاعت إحداث هذا التغيير.

 

وهذا ما نحتاجه الآن؛ حيث أخذ المجتمع دفعة كبيرة من الحماس بثورة 25 يناير، بدأت تقل وتنطفئ بمرور الوقت، وهنا يأتي دورنا بإعادة رسم الطريق أمامهم بشكل واضح، وبرنامجنا للمستقبل، وكيف سنُغير مصر عن مصر قبل الثورة بشكل واضح.

 

* ما أكثر ما كان يجذب انتباهك في كل تجربة تقوم بدراستها ونقلها؟

** سر نجاح هذه الدول ومعايير نجاح الدول النامية، أول ما كتبت عنه هي دولة ماليزيا، وسافرت إليها للتعرف عليها عن قرب ودراسة أهلها، فهي إحدى التجارب المهمة في التنمية المستدامة طويلة المدى من 1982م، وشكلت جذورًا ثابتةً للمجتمع الماليزي، ولها نفس مميزات اليابان في الحفاظ على الأصالة والعادات والتقاليد، فنسبة كبيرة من الماليزيات لديهن حرص على تقاليد الدين الإسلامي.

 

أما في تركيا فكان التركيز على النقلة التي حدثت بها من 2002م إلى 2008م بسبب التركيز على التنمية الاقتصادية.

 

جسر الاستفادة

* ما الهدف الأساسي من إنشاء مركز القاهرة للدراسات التركية بعد الثورة؟

** أن يكون جسرًا للثقافة والسياسة والتجربة التركية للوطن العربي، بحيث تكون أمامنا خطوات التجربة واقعية، كيف نجحت بلدية إسطنبول في تنقية المياه خلال شهور قليلة؟، وكيف تمكنت تركيا من رصف 11 ألف كيلو متر من 2002م؟، وقبل هذا التاريخ كل ما رصفته كان 7 آلاف كيلو متر فقط، والآن تمرُّ مصر بمرحلة البناء؛ لتستطيع أن تنافس من جديدة وتصل إلى الريادة.

 

وما عالجه برنامج حزب الحرية والعدالة هو الاستفادة من مميزات الآخرين ومطابقتها مع الواقع المصري، فما نحرص عليه هو كيف تقوم مصر بذلك مع الحفاظ على خصوصيتها وأصالتها بدون استنساخ التجارب.

 

ونقدم من خلال المركز دورات في اللغة التركية، والمحادثة، والدراسات الواقعية بالشأن التركي، والندوات، وكما حضرنا الانتخابات البرلمانية في تركيا وكتبت مع عدد من المتخصصين تقريرًا عنها من مختلف وجهات النظر والأحزاب هناك.

 

لا للطوابير

* وكيف وجدتم الانتخابات هناك؟

** إدارة الانتخابات ويسرها هناك مميزة في حدِّ ذاتها، فلم نجد طابورًا واحدًا أمام أي لجنة، فالصندوق به 300 صوت، والمدة طويلة جدًّا، والمقر دائمًا ثابت لا يتغير من انتخابات إلى أخرى، فالمسألة الإجرائية ميسرة جدًّا ودقيقة.

 

الشفافية الشديدة واحترام القوانين من أكثر ما يميز المؤسسات التركية، وهو ما نُصرُّ عليه في الحرية والعدالة.

 

الدستور

* وما أكثر ما تراه مناسبًا لمصر من النظام السياسي في تركيا؟

** التجربة الجيدة لتركيا هي الطريقة التي أعدوا بها للدستور الجديد، فحزب العدالة والتنمية قطعوا كل الأوراق الاسترشادية للدستور والمسودات، وتركوا كل المواد والبنود مطروحة للنقاش في المجتمع التركي، والقرار في النهاية للشعب.