- د. جمال حشمت: طلب التدخل تجييش طائفي واستقطاب حاد بين قطبي الأمة

- د. أحمد دراج: استقواء على الشعب والوطن والإرادة  الشعبية الحرة

- ناصر الحافي: الشعب قادر على إسقاط من استقوى بالغرب وحزبه وكتلته

- د. محمود السقا: طلب الدعم لمواجهة خصوم السياسة من المحاذير القانونية

- م. محمد سامي: من لديه دليل على تلقي الإسلاميين تمويلاً فليتقدم به للقضاء

تحقيق: أحمد هزاع وأحمد جمال

بهر المصريون العالم في المرحلة الأولى من أول انتخابات برلمانية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، التي اختار الشعب نوابه بكل شفافية في أول برلمان شرعي يُنتخب بصورة ديمقراطية مند أكثر من 6 عقود؛ ليحمل هموم المواطن ويقوم بسن القوانين التي تهدف في المقام الأول لخدمة مصر والمصريين.

 

وأظهرت النتيجة تقدم الإسلاميين ما أصاب البعض بفقدان الاتزان؛ فأطلقوا التصريحات التي تشكك في العملية الانتخابية، رغم شهادة كل منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المحلية والأجنبية لهذه الانتخابات التي وصفوها بـ"غير المسبوقة".

 

ووصل الأمر بالبعض -ممن لا يؤمنون بالديمقراطية إلا بظاهر من القول- إلى حد طلب الدعم من الغرب والولايات المتحدة بحجة دعم الليبراليين ليتمكنوا من مواجهة الخصم الإسلامي، وهو ما اعتبره مراقبون أنه استعداء للعالم، وخطوة أولى في مسلسل فرض الوصاية على مصر وجلب الاستعمار.

 

وفي ذات السياق وردًّا على هذه التصريحات تقدَّم ناصر الحافي، عضو مجلس نقابة المحامين وعضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، ببلاغٍ إلى النائب العام ضد رجل الأعمال نجيب ساويرس؛ للمطالبة بالتحقيق معه في تهديد الاستقرار الوطني وإثارة النعرات الطائفية، وازدراء أحكام الشريعة، ومطالبته بالتدخل الأجنبي وطلب الرشوة من دولة أجنبية، ونشر أخبار كاذبة عن الانتخابات وارتكاب جريمة القذف.

 

ودعا الحافي في بلاغه للنائب العام إلى سماع التسجيل التلفزيوني الصادر عن المشكو في حقه مع إحدى القنوات، وسماع أقوال المشكو في حقه وتحريك الدعوى الجنائية ضده.

 

واتهم ساويرس بازدراء أحكام الشريعة الإسلامية في حديث للتليفزيون الكندي بتاريخ 4/12/2011، وإثارة النعرات الطائفية، ونشر الرعب والخوف بين أبناء مصر، عبر قوله: "ماذا سيفعل النصارى المساكين؟ إنهم ليسوا أقلية صغيرة فعددهم 12 مليونًا، أين سيذهبون؟ حتى كندا لا تستوعب 12 مليون مصري".

 

(إخوان أون لاين) يطرح القضية على  الخبراء والمختصين حول  خطورة الاستقواء بالخارج والرأي القانوني فيها، في سطور التحقيق التالي:

بداية يوضح ناصر الحافي، عضو مجلس نقابة المحامين وعضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة والمرشح لعضوية مجلس الشعب 2011م عن الدائرة الثانية "فردي" بالقليوبية وصاحب البلاغ ضد ساويرس، أن قانون العقوبات المصري يجرم طلب التمويل من أي جهات أجنبية، ويعتبره جناية وفقًا للمادة 78 من قانون العقوبات.

 

 الصورة غير متاحة

ناصر الحافي

ويضيف أن ما جاء على لسان ساويرس من طلب للدعم الغربي لمواجهة الإسلاميين وفقًا لما هو مثبت في تسجيلات فيديو من لقاء أجرته معه قناة كندية، معتبرًا أن هذه التصريحات دليل على مناهضته لثورة يناير، ومحاولة لعرقلة استكمالها؛ بل يحاول إعادة مصر للعهد السابق والتبعية للغرب.

 

ويشير إلى أن طلب الدعم الغربي بشكل واضح، سواء كان علنيًّا أو سريًّا لما سماها القوى الليبرالية هو طلب لرشوة علنية يعاقب عليها القانون، مضيفًا أن تذرعه بتلقي التيارات الإسلامية لتمويل أجنبي ليس مبررًا لطلب الدعم، فضلاً عن أنه لم يقدم دليلاً على هذا الكلام، بينما دليل إدانته موجود وشاهده الجميع.

 

ويؤكد أن المخالفات التي ارتكبها ساويرس لم تقتصر على هذا الأمر؛ فقد خالف القواعد المنظمة للعملية الانتخابية بمحاولته تشويه فصيل وطني وتفزيع المواطنين من التصويت له، مشيرًا إلى أنه يعاقب بالحبس والغرامة طبقًا للمادة 48 من قانون مباشرة الحقوق السياسية؛ لكونه أشاع أخبارًا كاذبة.

 

ويستطرد قائلاً: الشعب المصري العظيم الذي خرج بثورته في 25 يناير وضحى بكل ما لديه، ولم يرجع إلا بعد إسقاط هذا النظام، قادر على اختيار مرشحيه في انتخابات مجلس الشعب القادم، وقادر أيضًا على إسقاط من استقوى بالغرب على هذا الوطن، وإسقاط الكتلة التي تضم هؤلاء، بعد أن أثبت أنه لا يزال يتبع للنظام المخلوع، وكان من الأولى أن يتماشى مع الثورة المصرية ومبادئها حتى تتمكن البلد من التقدم.

 

رقابة الدولة

 الصورة غير متاحة

د. محمود السقا

من جانبه، يوضح الدكتور محمود السقا، أستاذ ورئيس قسم فلسفة القانون بكلية الحقوق بجامعة القاهرة ونائب رئيس حزب الوفد، أن الدعم قضية ترتبط في كل الدول بسياسة الدولة في إطار التعاون الدولي لدعم منظمات داخلية كمنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان؛ شريطة ألا تضر هذه المساعدات بالاقتصاد وألا تكون غطاءً لدخول الجواسيس والمافيا والتدخل في الشئون الداخلية للبلاد.

 

ويضيف: أما أن يطلب حزب أو تيار سياسي التمويل من دول أجنبية بهدف منافسة تيار سياسي آخر فهو من المحاذير القانونية.

 

ويؤكد ضرورة أن تخضع كل الأموال التي تدخل البلد لرقابة الدولة، وأن يوضح متلقو الدعم الوسيلة والغاية التي من أجلها دخلت هذه الأموال، في جو من الشفافية؛ حتى لا يضر بالمصالح العليا للوطن، ولا يكون الهدف منها التأثير في الوضع السياسي الداخلي.

 

تجييش طائفي

 الصورة غير متاحة

د. جمال حشمت

وينتقد الدكتور جمال حشمت، عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، دعوة البعض إلى التدخل الخارجي في شئون مصر لمواجهة ما وصفه بمخاطر فوز الإسلاميين بأغلبية مقاعد المرحلة من انتخابات مجلس الشعب،  داعيًا القوى الوطنية على تعددها واختلافها، وفي مقدمتها ائتلافات الثورة للتصدي لمثل هذه المهاترات التي وصلت إلى مرتبة الخيانة العظمى للثورة والوطن.

 

ويشدد على أهمية محاسبة هذه الفئة التى تستعدي الغرب على خيارات الشعب، وتدعوه إلى الانقضاض والانقلاب على الإرادة الشعبية الحرة التي عبر عنها من خلال صناديق الاقتراع في انتخابات أكدت كل الجهات الداخلية والخارجية إتمامها بدرجة عالية من النزاهة والشفافية، مع الغياب الكبير لكل صور وأشكال التزييف والتزوير للإرادة الشعبية التي كانت السمة الرئيسية للانتخابات المصرية على امتداد 6 عقود، في ظل سطوة وطغيان التشكيل العصابي الإجرامي لحكم الأنظمة المتتالية الفاسدة.

 

ويحذر من التجييش الطائفي والاستقطاب الحاد بين نسيج الأمة الواحد، داعيًا المستقوين بالخارج على شعوبهم أن يمارسوا عملاً سياسيًّا يقرب ويوفق بين معاني الليبرالية التي تقبل الرأي الآخر، وتحترم رأي الأغلبية وإرادتها، ما دام الإجراء المتبع ديمقراطيًّا وحرًّا ونزيهًا ويتم بشفافية، بدلاً من الصراخ والعويل.

 

ويتساءل: لماذا يمارس هؤلاء هذا الدور الطائفي المشبوه في وقت دقيق من حياة مصر والمصريين وفي مرحلة انتقالية تحتاج إلى توافق، بعيدًا عن التخوين وادعاء غير الحقيقة لكسب تعاطف أو دعم لطائفة ضد طائفة أخرى؟ معتبرًا أن ممارساتهم هذه ما هي إلا عقاب للشعب المصري الذي قام بأعظم ثورة في التاريخ، دون تدخل أي جهات أجنبية!.

 

ويؤكد أن كل من يستقوي بالخارج على وطنه الذي ينتمي إليه خائن لهذا الوطن ولإخوانه المصريين، مستنكرًا أن يصوِّت المواطنون الشرفاء لأحزاب أو تحالفات تئوي هؤلاء الخونة أو تتلقَّى دعمًا منهم.

 

خيانة الوطن

 الصورة غير متاحة

د. أحمد دراج

ويرى الدكتور أحمد دراج، منسق الجمعية الوطنية، أن احترام نتيجة الانتخابات مهما كانت هي أولى مراتب الديمقراطية والحرية التي ينشدها ويتمناها الجميع، قائلاً إن من لا يحترم نتيجة الانتخابات لا يحترم رأي الشعب ولا يستحق أن يكون منه، وهو بذلك يعود بنا للوراء إلى ما قبل الخامس والعشرين من يناير.

 

ويضيف أن ما يتم على الساحة السياسية والإعلامية من صخب وضجيج لتبرير الاستقواء بالخارج والتخويف من فوز الأحزاب الإسلامية، يصب بشكل مباشر في خانة الاستقواء على كل الوطن وعلى إرادته الشعبية الحرة.

 

ويرفض بشدة طلب التدخل في الشأن الداخلي بحجة دعم التيارات الليبرالية والعلمانية التي تتخوف من الدولة الدينية وقيامها وتخشى من سطوة التيارات الإسلامية، معتبرًا هذا نوعًا من الهراء؛ لأن حرية الرأي والتعبير وإطلاق الحريات العامة من أولى المبادئ التي قامت من أجلها ثورة يناير.

 

ويؤكد أن الوصول إلى الدعوة الصريحة والعلنية للاستقواء بالخارج والإلحاح في طلب التدخل الخارجي من أمريكا والغرب لمواجهة الاختيارات الحرة للمواطن المصري يعد مماطلة في طريق الثورة  ويتجاوز كل الطرق المشروعة التي تصل إلى الخيانة الصريحة للوطن والمواطن الذي اختار من أراد.

 

ويوضح أن الاستقواء بالخارج يعد استضعافًا لا يتقبله أي مصري، ويتنافى مع كل معاني الديمقراطية، وأن الشعب المصري الذي رفض المعونة الأمريكية المشروطة في ظل التدهور الاقتصادي لن يقبل بأي حال تدخل أي فصيل خارجي في شئونه الداخلية.

 

احترام الصندوق

 الصورة غير متاحة

 م. محمد سامي

ويؤكد المهندس محمد سامي، رئيس حزب الكرامة، أن انتخابات مجلس الشعب منذ بدايتها في المرحلة الأولى كانت نزيهة بطريقة غير مسبوقة عبر العقود الماضية، كما أن نسبة الحضور الكبيرة هي أكبر رد على من يتحدثون عن التأثير على الناخبين ولا يحق لأحد أن يتذرع بأي أسباب للتشكيك في هذه الانتخابات وطلب الدعم من الغرب؛ فالديمقراطية هي الحَكَم، وما يأتي به الصندوق لا بد أن يرضى به الجميع.

 

ويضيف أن الكلام الذي تحدث به المهندس نجيب ساويرس لا يصح ولا يليق، وكان عليه ألا يقول مثل هذا الكلام؛ فعلى كل المصريين أن يعترفوا بالآخر، ويتخلوا عن فكر الإقصاء؛ فمصر بها عدد من التيارات الأساسية وهي: التيار الإسلامي والفكر القومي والتوجه الليبرالي، وكل هذه التيارات وطنية ولا يصح لأي فصيل أن يشكك في وطنية الفصيل الآخر، وتبقى المنافسة الشريفة في صندوق الانتخاب.

 

وعن اتهام ساويرس للتيارات الإسلامية بتلقي تمويل من دول إسلامية منها قطر والمملكة العربية السعودية، يطالب سامي كل من لديه دليل على تورط طرف آخر في مثل هذه الجريمة بأن يتقدم به على الفور إلى النائب العام، فمكان هذه القضايا ساحات القضاء وليس وسائل الإعلام.