جناب الكاتب الكبير الدكتور علاء عباس الأسواني في مساء يوم "جمعةِ الخزي والعار الأخرى على أبناء مصر"، يوم السادس عشر من شهر ديسمبر لعام 2011م، استمعنا في ذهول تام إلى مداخلةٍ من شخصكم الكريم على قناة (النيل للأخبار)، وما زلنا نحاول جاهدين أن نتعافى من صدمةِ سماع كلام صادر عن واحد من أبرز مفكري العصر في مصر؛ بل ومن نخبة النخبة في هذا البلد العزيز الحزين الذي يحتضر.

 

ولا نريد أن يجرفنا بركان غضبنا الجامح وطوفان حزننا الدامع إلى إصدار حكم إدانةٍ بسوء نوايا ودوافع وذرائع؛ وقد سمعنا على المصرية الفضائية قولاً بليغًا حكيمًا صادرًا عن مرشح محتمل للرئاسة (دكتور محمد مشائي) جاء فيه عن نفسه "عندما أغضب فإنني أفقد نصف عقلي!!" وما شهدنا وما سمعنا في تبرير ما يجري يوم جمعةٍ أسْودَ آخر على مصر، ناهيك عن يوم أحدٍ أغبرَ آخر حط من قبل عليها، ينبئ بأن الشرعية الثورية تدير الخلافاتِ بمنطق أن الاختلافَ بين الشقيقين على أيهما يُحب الأم أكثر؛ لا يحسمه سوى ذبحها ثم حرقها ثم نفيها ونبذها بغير رحمة "فيريحا دماغهما، ويريحا الدنيا كلها، منها ومن غمها.. وشعللها شعللها".

 

فهل قضت الشرعية الثورية بأن معاقبة جهازي الشرطة المدنية والشرطة العسكرية تكون بذبح مصر الأم؛ ثم حرقها؟! وهل ينتظر أن تعلن حيثيات مثل هذا الحكم بأن جُرم مصر الأم أنها قد أنجبت شباب قوى الثورة الأطهار وشيوخها الأبرار وشباب "الألتراس" المصطفين الأخيار في الحلال بينما هي قد أنجبت بقية الأمة سفاحًا؛ فتستحق بذلك السحق والسحل والذبح والحرق والمحو من الوجود، إنصافًا وعدلاً؟!.

 

وهل قضت الشرعية الثورية، قضاءً مبرمًا، بأن تعيش بقية الأمة لذلك في ظلام دامس ورعب دائم؛ وبأنها فوق ذلك عازمة على أن تُدخِل الدولة في نفق أظلم من بعد نفق مظلم، وبغير نهاية؟! وإذا كان ما نشهد هو من ثمار ندواتكم الثقافية مع المعتصمين؛ فهل يعني ذلك أنها صُمِّمت لكي تكون ندوات ثقافةِ تهييج لا ثقافةِ تهدئة، وثقافة تعسُّف لا تعقل، وثقافة تدمير لا تعمير؟! فإلى أين يا سيدي تأخذ الشرعية الثورية مصر اليوم، وما عليها؛ ومن عليها؟!.

 

وأما نحن كمواطنين عزل (من الحجارة والمولوتوف والشتائم) فإننا، على كل حال، في النهاية لا نملك سوى أن نتوجه إلى المولى القدير بالدعاء الوطني المتوارث في المُلمَّات والكوارث:

 

يا خفي الألطاف نجنا مما نخاف" واحفظ الكنانة من شرعيةٍ ثورية حطت عليها من جوف جحيم جهنم وسعير سقر، و(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ (27)) (الرحمن) ودمتم يا سيدي في خير؛ ما دمتم، ودامت الشرعية الثورية بخير.