- د. طارق فهمي: "الصهيو أمريكية" تحارب لإبقائنا في نطاق السيطرة
- د. محمد صفار: الغرب مرعوب من امتداد الثورة إلى ديكتاتورية العولمة
- د. حسن عمر: ثلاثة جهات تسعى لإحراق القاهرة خوفًا من الإسلاميين
- د. عبد الله الأشعل: الشعب يتصدى للفلول وأعوان النظام بالمنطقة
تحقيق: الزهراء عامر
قبيل المسارعة في تعليق الأحداث الأخيرة وما قبلها على شماعة (نظرية المؤامرة)، كان لا بد من وقفة لتحليل معطيات الأزمة وقراءة مفرداتها.. (إخوان أون لاين) رصد الحدث وإرهاصاته وتوابعه، وحاول أن يجيب على أسئلته في التحقيق التالي.
يشير مراقبون إلى تنبئهم بوقوع مثل هذه الأحداث بالتزامن مع أي نجاح تكتبه الثورة المصرية، وفي كل خطوة تقطعها نحو تأسيس دولة الديمقراطية، مؤكدين أن مصر الجديدة لا يرضى عنها أطراف عديدة خارجية وداخلية، خاصة وأن نظام مبارك المخلوع لم يسقط بعد بالكلية.
وكشفت شبكة الإعلام العربية "محيط" عن مذكرة تفاهم في غاية السرية وقعتها حكومة عصام شرف قبل رحيلها مع الإدارة الأمريكية، وبمقتضاها تعهدت الحكومة بالحفاظ على اتفاقات الشراكة الإستراتيجية مع واشنطن في شتى المجالات، وبقاء اتفاقيات كامب ديفيد، مقابل إطلاق الحريات في مصر لكلِّ الاتجاهات، وشارك فيها عدد من أبرز رجال الأجهزة الأمنية في مصر والولايات المتحدة، وتمَّ صياغة وثيقة السلمي كضمانه لتلك العلاقة؛ بحيث تلتزم أية حكومة منتخبة إسلامية أو غير إسلامية أو مختلطة بتلك الوثيقة، وباستمرار شراكة واشنطن مع القاهرة.
وقبل أيام من أحداث التحرير في 19 نوفمبر الماضي حذرت واشنطن رعاياها المسافرين أو المقيمين في مصر من "احتمالية وقوع اضطرابات" قبل الانتخابات البرلمانية التي بدأت أولى مراحلها في 28 نوفمبر الجاري، وتستمر حتى مارس من العام المقبل- كأنها تعلم الغيب- وفي نفس الوقت الذي يتم إلقاء قنابل غاز صناعة أمريكية على المتظاهرين في الميدان.
فيما بدأ الكيان الصهيوني في تغيير خطابه مع مصر، وارتفع صوته معلنًا عداءه للمستقبل المصري، وصرح وزير الحرب الصهيوني من قبل بأن الكيان عليه أن يستعد جيدًا لقرب المواجهات بينه وبين مصر في حالة صعود الإسلاميين.
بورتو طره
وأعلن المجلس العسكري عن "طرف ثالث يشعل فتيل الأزمة في مصر" لافتًا إلى سعي ذلك الطرف لحرق مصر، وتخريب مؤسساتها، وحرق تاريخ مصر وتراثها، مؤكدًا أن ذلك الطرف هو نفسه الذي حرَّك أحداث التحرير في نوفمبر الماضي، وهو من حاول إشعال الفتن الطائفية.
وربما تغافل المجلس العسكري في مؤتمره عن مصالح "الفلول" التي أهدرتها نتائج المرحلة الأولى والثانية من الانتخابات، وتزايد شعور رموز الفساد المحبوسين في "طره" باقتراب الموعد الحقيقي لمحاسبتهم، ما يدفعهم للاستعانة بعناصرهم وأعوانهم بالخارج والداخل ليثأروا لهم، ويوقفوا عملية الإصلاح، ولو على حساب إحراق مصر كلها في سبيل أن ينجو بأنفسهم.
بصمات صهيوأمريكية
ويوضح الدكتور طارق فهمي، الخبير بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط بجامعة القاهرة، أن الإدارة الأمريكية تتعامل مع الثورة المصرية من موقف (راقب وانتظر) وتحاول إبداء أنها تتعامل مع جميع الفصائل وستتعامل مع أي نظام؛ لكن ما وراء الستار يظهر أن لديها مخاوف كثيرة من وجود التيار الإسلامي، والدليل على ذلك الاتصالات غير المباشرة التي أجرتها مع الإخوان المسلمين، وإرسال العديد من السفراء الأجانب لمقابلتهم.
ويضيف أن الولايات المتحدة بدأت تعيد قراءة العلاقات الأمريكية المصرية، ومعرفة حجم الشراكة بين المصريين والأمريكيين، بجانب إغلاق الباب أمام خيارات المعونات، بعد هذه اللقاءات التي وجدت فيها أن مصر تمَّ تصفيتها من بؤرة التبعية لها.
ويبين أن التهديدات الصهيونية الأمريكية بشأن التعامل مع مصر بعد الثورة في حالة وصول الإسلاميين للسلطة لا جديد فيها، موضحًا أن المؤسسة العسكرية الصهيونية ترجح ضرورة تسخين الجبهة مع مصر؛ لأنها تخشى أن تحاط بأنظمة إسلامية من جميع الجهات سواء في مصر أو سوريا بعد رحيل نظام بشار المستبد أو تركيا التي تتحفظ في التعامل معها.
ويضيف: وذلك فضلاً عن خوفها من فتح الملفات التي تتعلق باتفاقية السلام "كامب ديفيد" ومعبر صلاح الدين، بجانب ملف "الغاز" عند فوز الإسلاميين وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى أن هذه الهواجس الصهيونية واقعية وتزيد وتتنامى مع الوقت وسخونة الأحداث.
ويوضح أن الكيان الصهيوني يتعامل بسياسة عدم الانتظار لوقوع الكارثة، ويفضل التعامل مع المسألة المصرية برؤية أمنية وإستراتيجية، وظهر هذا في ملف الجواسيس وما يتعلق به، فضلاً عن أنه يسعي لتقسيم مصر وتجزئتها بإثارة الفتن والنعرات الداخلية وترويج الإعلام المتصهين له.
وحول رسائل التحذير التي تطلقها الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني لرعاياها في مصر ومطالبتهم بالرحيل الفوري قبل سخونة الأحداث يرى أنه إجراء أمني احترازي؛ لأنهم يحملون هواجس عن احتمال وقوع أعمال عنف في فترة إجراء الانتخابات؛ ولكن هذا القرار له تداعياته حينما تحذر دولتين وتطالب رعاياها بالرحيل، فهذا مؤشر عالمي يعطي انطباعًا أن مصر دولة غير آمنة وتواجه صعوبات.
ويؤكد أن هناك تناقضًا في الموقف الصهيوني فتحذيراته لرعاياه يقابلها إرسال السفير الصهيوني لمصر لإنهاء فترة عمله، فهذه هي الأخرى تحمل رسائل في أكثر من اتجاه.
وفيما يتعلق بتعاون الأنظمة العربية المتبقية والتي لم تصل لها ثورات الربيع العربي مع الدول العظمى لإجهاض الثورة المصرية لتحمي نفسها من هبة شعوبها، يشير إلى أن هذا الأمر غير مستبعد على هذه الأنظمة، بل من الممكن أن تضع أيديها في أيدي الشيطان حتى لا تنتفض الشعوب ضدها؛ ولكن المد الثوري سوف تشهده هذه الدول عاجلاً أو أجلاً.
حركات الرأسمالية
ويوضح الدكتور محمد صفار، أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة، أن أعداء الثورة المصرية بالخارج لا يمكن حصرهم؛ لأنهم مجموعة من الدول والقوى التي لها مصالح متشابكة، تهددها الثورات العربية والثورة المصرية بالأخص.
ويضيف: وعلى رأس تلك القوى الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بجانب القوى المستفيدة من تدهور الأوضاع في مصر، وهي الكيان الصهيوني، وطبقة رجال الأعمال والطبقة البرجوازية والشركات العملاقة وغيرها.
ويتابع: لأن الثورة ليست مجرد الخروج على حكم استبدادي فحسب، بل إنها جزء من حركة عالمية مضادة للعولمة الاقتصادية وإزالة الحدود بين الدول، وتخفيض إجراءات الخصخصة، فضلاً عن وصول عدوى الثورات للولايات المتحدة وتل أبيب وروسيا نتيجة هذه الثورات، مضيفًا أن الثورات عادة ما تقوم في أضعف حركات الرأسمالية أما النموذج المصري فقام في أشد حركات الرأسمالية.
ويرى أن هناك سيناريوهات تحليلية كثيرة لما يحدث، منها أن هناك قوى كثيرة تهدف إلى عدم إتمام الانتخابات عن طريق إحداث فوضى سواء كان المجلس العسكري الذي من مصلحته مد الفترة الانتقالية، أو الليبراليين الذين يخشون من اكتساح التيار الديني فيها، أو فلول الحزب الوطني الذين يخشون من وجود برلمان قوي يعبِّر عن مصالح الشعب وبالتالي محاسبتهم.
ويؤكد أن الدور الخارجي ووجوده في أي أحداث داخل المجتمع المصري غير مستبعد، خاصة مع وزن مصر ومكانتها، وتغلغل دولة الولايات المتحدة إلى جميع القطاعات؛ بسبب ضعف النظام السابق.
حريق القاهرة
المستشار حسن عمر
ويوضح الدكتور حسن عمر، أستاذ القانون الدولي، أن الثورة المصرية قامت ضد نظام مبارك بصفته عميلاً للكيان الصهيوني وأمريكا، وهناك من ساهم في الثورة ويرفض إسقاط الهيمنة والتبعية للإدارة الأمريكية والكيان، بعد إسقاط النظام، ويسعى لإقامة أنظمة جديدة تسير على نفس منوال النظام السابق.
ويرى أن هناك 3 جبهات تسعى لإحراق القاهرة وتراثها وآثارها، وهم أتباع الأمريكان والصهاينة من فلول الحزب الوطني المنحل الذين قامت ضدهم الثورة، بجانب من شارك في الثورة ويحمل أجندات لبقاء تبعية الإدارة المصرية للغرب ومنهم كتاب وسياسيين، مؤكدًا أنه من يعمل لصالح مصر ضد قوى الهيمنة وضد نظام المخلوع لا يمكن أن يساهم في حريق مصر.
ويشير إلى أن الأنظمة الغربية تخشى على تل أبيب من قيام أي نظام ديمقراطي حقيقي في مصر، سواء كان إسلاميًّا أم غيره؛ لأنها كانت تعتبر نظام مبارك حارسًا لمصالحها في المنطقة، فمن يقيدها ويحد من وجودها يقيد مصالح الولايات المتحدة، ولذا فهي تحاول تأجيج الفتن وإثارة الفوضى.
ويبين أن مصر تحارب النظام السابق من جهة والغرب من جهة أخرى، فضلاً عن أولادها الذين شاركوا في الثورة، واكتفوا بإسقاط النظام بدون التطرق للتبعية والهيمنة الأمريكية.
أعداء الداخل
![]() |
د. عبد الله الأشعل |
ويوضح أن أمريكا مراقبة لما يحدث ويدور في مصر بعد الثورة، وتريد أن تحتل الإدارة المصرية الجديدة، وهي تشعر بالخطر بمسار الشعب المصري نحو الديمقراطية؛ لأنه سينهي الهيمنة الأمريكية في المنطقة.
ويرى أن الشعب المصري يواجه بمفرده مؤامرات الداخل ودول الخليج وأمريكا والكيان الصهيوني، مشددًا على ضرورة أن يكون للشعب المصري وقفة حاسمة مع ما يجري من أحداث، وأن يتكفل هو بنفسه بإدارة شئونه في الداخل والخارج، وأن يدافع عن حريته حتى ولو دفع ثمن ذلك من دمه.
ويؤكد أن مصر الثورة لو استطاعت أن تقوِّي موقفها ضد الهيمنة؛ ستضع حدًّا لمراعاة مصالح أمريكا مع الكيان الصهيوني، والولايات المتحدة الآن بدأت تشعر أن مصالحها مهددة.