- د. محمود السقا: "العسكري" غير مختص بالتصديق على القانون

- فريد إسماعيل: العسكري يتلاعب بإرادة الشعب وعليه الانصياع

- م. حاتم عزام: اليوم يتحدد انحياز العسكري للثورة أم الفلول

- محمد السادات: الطعن بعدم الدستورية وارد بعد التطبيق

 

تحقيق: يارا نجاتي وأحمد جمال

مماطلة يستشعرها الشارع المصري مع قانون عزل فلول الحزب الوطني ومنعهم من ممارسة العمل السياسي لفترة مؤقتة تساعد على استكمال أهداف الثورة، ومنع النظام المخلوع من العودة للحكم مرة أخرى.

 

فبعد مطالبات مستمرة من الشعب المصري في مليونيات وفعاليات كبيرة قبل انتخابات مجلس الشعب، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة قانونًا يحرم الفلول من الترشح، ولكن بضوابط وشروط كثيرة حالت دون تطبيق القانون على أي شخص من رموز النظام المخلوع أو أعضائه، ولم يمنعهم من الوصول للبرلمان سوى العزل الشعبي والتوعية المستمرة في مواجهة إغراءات ورشى وتضليل رموز الحزب الوطني المنحل.

 

ومع اقتراب سباق الانتخاب الرئاسية فوجئ الشعب المصري بتبجح رموز النظام المخلوع بالترشح للانتخابات، وكان من بين المرشحين نائب الرئيس المخلوع ورئيس وزرائه ووزير خارجيته، فتصدى مجلس الشعب لمحاولة إحياء النظام متحصنًا بتحصين اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة، بإقرار تعديلات في قانون مباشرة الحقوق السياسية تمنع رموز النظام المخلوع من الترشح لمدة 10 سنوات.

 

إلا أن المجلس العسكري رفض التصديق على القانون، وأحاله للمحكمة الدستورية العليا لتفصل فيه، في محاولة لتضييع الوقت ليصدر القانون بعد انتهاء الفترة المحددة، ويكتسب المرشحون الصفة القانونية، ولا يطبق عليهم القانون بأثر رجعي.

 

وجاء قرار المحكمة الدستورية العليا يوم 21 أبريل ليعيد الكرة لملعب المجلس العسكري؛ حيث حكمت‏ بعدم اختصاصها بالنظر‏،‏ أو إبداء الرأي‏، في القانون بشكل مسبق‏.

 

وأوضحت المحكمة في جلستها برئاسة المستشار عدلي منصور وعضوية المستشارين علي عوض وأنور العاصي، أنها أسست حكمها هذا على أن نص الفقرة الخامسة من المادة 28 من الإعلان الدستوري حصر حدود الرقابة القضائية للمحكمة الدستورية في مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية فقط، وقصر الرقابة على القانون المذكور دون غيره، وقالت المحكمة: إن مد نطاقها ليشمل نصوص مشروعات قوانين أخرى يكون مجاوزًا الاختصاص الدستوري المقرر لهذه المحكمة، وأشارت المحكمة إلى أن الطلب الماثل بشأن عرض مشروع تعديل أحكام بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية يخرج عن اختصاص المحكمة.

 

وقالت المحكمة: إن قضاءها جرى على أنه لا يجوز للمحكمة الدستورية العليا أن تتنصل من اختصاص نيط بها وفقًا للدستور والقانون، وبالقدر نفسه لا تخوض في اختصاص ليس لها، وعليها ألا تترخص في الفصل فيما يدخل في اختصاصها، وأيضًا عليها ألا تتجاوز حدود الاختصاص المقرر لها، وأشارت المحكمة إلى أنه يترتب على ذلك أن الطلب الماثل حول عرض مشروع القانون المذكور بتعديل بعض أحكام القانون رقم 73 لسنة 1956م بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية يخرج عن مجال اختصاصها.

 

 

  د. محمود السقا

(إخوان أون لاين) يناقش الخبراء في مصير القانون وتطبيقه على فلول النظام المخلوع في سطور التحقيق التالي:

 

يوضح الدكتور محمود السقا أستاذ القانون وعضو الهيئة البرلمانية لحزب الوفد بمجلس الشعب أن المحكمة الدستورية العليا حكمت بعد الاختصاص في النظر المسبق للتعديلات التي أقرها مجلس الشعب على قانون مباشرة الحقوق السياسية، مشيرًا إلى أن الحكم بعدم الاختصاص يعيد القانون للمجلس العسكري ليصبح صاحب العصمة في إقراره.

 

ويضيف أن حسم القرار يعود بعد حكم المحكمة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة على الرغم من أنه هو من أقدم على إحالته للمحكمة الدستورية العليا، والذي يعد اعترافًا منه بأنه غير مختص بالنظر في هذا القانون ما يدخلنا في معضلة جديدة، فإما أن يحول المجلس العسكري القانون لمجلس الشعب ليصوت عليه، أو يتم إعمال القواعد العامة؛ لأنه لو كان مختصًا لتصدى للأمر واتخذ قرارًا فور إحالته إليه.

 

ويشير إلى أن الحالة المصرية تشهد في الوقت الراهن ارتباكًا شديدًا، وعدم وضوح للرؤية، ولا يعلم أحد كيف ستسير الأمور.

 

إرادة الشعب

 

د. فريد إسماعيل

ويتوقع الدكتور فريد إسماعيل وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب وعضو المكتب التنفيذي بحزب الحرية والعدالة، أن يقدم المجلس العسكري على تعطيل مشروع القانون، وعدم التصديق عليه حتى تصدر اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية قوائمها النهائية للمرشحين، حتى لا يتم استبعاد المرشحين المنتمين للنظام السابق بعد اكتسابهم للصفة القانونية.

 

ويشير إلى أن المجلس العسكري اتخذ طريق المعاندة ورفض المطالب الشعبية بعزل فلول الحزب الوطني من الحياة السياسية، فبعد أن أصدر مجلس الشعب مشروع القانون بعد مناقشات طويلة ليخرج بأفضل صياغة أحاله المجلس العسكري للمحكمة الدستورية للتهرب من التصديق عليه، مضيفًا: على المجلس العسكري أن يعيده الآن إلى مجلس الشعب ليوافق عليه بأغلبية الثلثين.

 

ويؤكد أن مجلس الشعب لن يسكت على تضييع إنجازاته، وسيطالب ومعه الشعب المجلس العسكري بالعمل على إصدار القانون فورًا، وعلى المجلس أن ينصاع لإرادة الشعب.

 

من جانبه يقول عضو مجلس الشعب وأمين سر لجنة الصناعة والطاقة المهندس حاتم عزام: إن قرار المحكمة الدستورية العليا بعدم حقها السابق في إبداء الرأي حول تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية قطع الطريق على المجلس العسكري في اتخاذ أي إجراءات غير قانونية بشأن تعديل القانون، معتبرًا أن المجلس يستعين بخبراء قانونيين ليس لديهم خبرة بالقوانين المنظمة للمحكمة الدستورية.

 

ويؤكد أن تصديق المجلس العسكري اليوم على القانون سيظهر اتجاهه الحقيقي وانحيازه للشرعية ولمطالب الثورة، أو تأخير التصديق عليه ليوم آخر فيؤكد انحياز المجلس للفلول، نظرًا لأن التصديق عليه اليوم يتبعه نشره في الجريدة الرسمية غدًا الإثنين والعمل به مباشرة؛ لكن التأخير سيمتد حتى العدد القادم للجريدة الرسمية 26 أبريل، أي نفس يوم إعلان القائمة النهائية لمرشحي الرئاسة، واكتسابهم صفة قانونية تمنع إخراجهم من السباق الرئاسي.

 

وحول تشكك البعض من الصيغة التي خرج بها القرار بأنه فتح مجالاً للحكم بعدم دستورية القانون بعد تطبيقه، أوضح عزام أنه لا مجال للحكم بعدم دستورية قانون مباشرة الحقوق السياسية؛ لأن التعديلات دخلت على بعض المواد منه فقط، مضيفًا أن المادتين (2،3) هي مواد جزائية بطبعها، ولذلك لا يعتبر التعديل دخيلاً على القانون.

 

وتابع "إذا لم نضع رءوس النظام الفاسد في السجون ونخضعهم لمحاكمات ثورية على ما قاموا به، فأقل ما يمكن لبرلمان الثورة هو عزلهم سياسيًّا لمدة محددة"، قائلاً: إنه لا يعقل إقامة نظام ديمقراطي من جديد بدون أسس سليمة.

 

ويشدد على أن نواب البرلمان وضعوا المجلس العسكري الآن أمام مسئولية تاريخية.

 

ملعب العسكري

 

محمد السادات

ويقول النائب محمد السادات رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب: إن قرار الدستورية أكد حيادية القضاء وعدم تدخله في المشاكل التشريعية والسياسية كما أريد به، مشيرًا إلى أن أحقية المحكمة الدستورية بالرقابة اللاحقة على القانون وليس السابقة، قد يفتح المجال أمام الطعن بعدم دستورية القانون فيما بعد تطبيقه والطعن على أحد المرشحين.

 

ويوضح أن قرار الدستورية أعاد القانون إلى المجلس العسكري ليتخذ قراره بالتصديق عليه أو إعادته مرة أخرى إلى مجلس الشعب لإدخال تعديلات عليه، ووقتها يتخذ البرلمان قراره بالموافقة على التعديلات، أو الإصرار على القانون كما جرى تعديله.

 

ويتوقع أن تطول دورة اتخاذ القرار النهائي المتعلق بتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية حتى اكتساب مرشحي الرئاسة موقفًا قانونيًّا سليمًا يوم 26 أبريل، وبعدها يصبح القانون بغير قيمة، قائلاً: إننا تأخرنا في إصداره لأكثر من عام منذ بداية الثورة؛ لكن الشعب المصري قادر على تخطي أي عقبات توضع أمامه، ورفض كل مَن شارك في الظلم والإفساد في العهد البائد.

 

 

عصام سلطان

ومن جانبه أعرب النائب عصام سلطان رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوسط عن رفضه إحالة المشير تعديلات القانون إلى المحكمة الدستورية؛ لأنها ليست صاحبة صفة في ذلك، معتبرًا أن هذا التصرف يهدف للإيقاع بين السلطة التشريعية ممثلةً في مجلس الشعب والسلطة القضائية ممثلةً في المحكمة الدستورية، واستهلاك الوقت وإطالة أمد القانون.

 

وأضاف في تدوينة لها على موقع "الفيس بوك"، أن هذه التعديلات تنتظر الآن بعد رفض المحكمة الدستورية لإبداء الرأي فيها إجراءً واحدًا، هو التصديق والنشر كعمل إداري بحت منوط برئيس المجلس العسكري، الذي يعمل موظفًا عند الشعب، قائلاً: "إننا يا سيدي لا يمكن أن نقبل تعطيل عمل مجلس الشعب والامتناع عن التصديق على القوانين التي تصدر عنه ونشرها من الموظف المنوط به ذلك، والذي يتقاضى راتبًا من خزانة الدولة لقاء هذا الواجب الوظيفي، فهو إجهاض لعمل مؤسسة تشريعية بكاملها، وإهدار لإرادة شعب اختارها وسوف يحاسبها إن لم تنجز عملها".

 

وقال: إن شبهة عدم الدستورية تلحق بالمجلس العسكري ولا تلحق بنا كبرلمان، فقد سبق وأن أصدر السيد المشير- وحده وقبل وجود مجلس الشعب- قانون انتخابات مجلس الشعب، فإذا بالمحكمة الإدارية العليا تحيله من تلقاء نفسها دون دفعٍ أو دفاع إلى المحكمة الدستورية لاشتباهها في عدم دستوريته، فهل نحن الذين نصدر قوانين غير دستورية أم غيرنا؟.