شهدت مصر اليوم محاكمةً فريدةً من نوعها بأولى جلسات محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه علاء وجمال، ورجل الأعمال المقبوض عليه في إسبانيا حسين سالم، وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق و6 من مساعديه، بتهم قتل المتظاهرين، والتربح والإضرار العمدي بالمال العام، وتصدير الغاز للكيان، في جلستها المنعقدة بأكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة برئاسة المستشار أحمد رفعت.

 

بدأت وقائع الجلسة بدخول جميع المتهمين إلى قفص الاتهام، ونداء المستشار رفعت على المتهمين في القضية رقم 1227 لسنة 2011م جنايات قصر النيل، والتأكد من وجودهم، وهم: حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، وأحمد رمزي مساعد وزير الداخلية رئيس قوات الأمن المركزي السابق، وعدلي فايد مساعد أول وزير الداخلية للأمن ومدير مصلحة الأمن العام السابق، وحسن عبد الرحمن مساعد أول وزير الداخلية رئيس جهاز مباحث أمن الدولة السابق، وإسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة السابق، وأسامة المراسي مدير أمن الجيزة السابق وحاليًّا مساعد وزير الداخلية لشئون التدريب، وعمر فرماوي مدير أمن 6 أكتوبر حاليًّا.

 الصورة غير متاحة

 حبيب العادلي بالزي الأزرق

 

وظهر العادلي مرتديًا الزي الأزرق، والمتهمين من الثاني إلى الخامس بالزي الأبيض الخاص بالحبس الاحتياطي، فيما شوهد المتهمين السادس والسابع بالزي المدني كونهم غير محبوسين احتياطيًّا على ذمة القضية.

 

وطالب رئيس المحكمة، المدعين بالحق المدني بكتابة أسمائهم في كشف لإرفاقه بمحضر الجلسة واعتباره جزءًا لا يتجزأ منها، مع إمكانية السماح بدخول مَن لم يتمكنوا من حضور جلسة اليوم، وإثبات ذلك في حينه.

 

ووقعت عدة مشادات كلامية من رئيس المحكمة وعدد من المدعين بالحق المدني على خلفية مطالبهم بإدخال المحامين الذين لم يتمكنوا من الدخول، ودخول أهالي الشهداء الذين تم إخطارهم من مديريات الأمن في المحافظات المختلفة بحضور الجلسة، وتم منعهم من الدخول إلى القاعة.

 

واستمعت هيئة المحكمة بعد ذلك لطلبات الدفاع، حيث بدأها فريد الديب محامي العادلي الذي طالب بإعادة الدعوة إلى دائرة المستشار عادل عبد السلام جمعة، والتي أمرت بضمها إلى الدعوة المتهم فيها الرئيس المخلوع ونجليه، وتحمَّل رقم 3642 لسنة 2011 جنايات قصر النيل، بزعم أن قرار الضم صدر من محكمة قضاتها مردودون.

 

وطالب محامي المتهمين الأول والخامس بالانتقال لمعاينة عدة أماكن بميدان التحرير ووسط القاهرة بزعم استحالة حدوث الوقائع المنسوبة للمتهمين، كما طالب استدعاء عدد من ضباط جهاز أمن الدولة "المنحل" والأمن العام والنجدة والاتصالات ومديرية أمن القاهرة وأمن الوزارة وأقسام شرطة القاهرة والجيزة؛ للاستماع إلى شهادتهم، إلا أن رئيس المحكمة قاطعه وطالبه بكتابة طلباته في مذكرةٍ وتقديمها إلى هيئة المحكمة.

 

وطلب أحد أعضاء هيئة الدفاع عن المتهم الثاني مد القضية إلى أجلِّ كافٍ وحدده بشهر للاطلاع على ملف القضية المتهم فيها الرئيس "المخلوع" كونها تم ضمها لقضية العادلي ومساعديه.

 الصورة غير متاحة

هيئة الدفاع عن المتهمين في القضية

 

فيما قال جميل عزيز محامي العادلي إن أسبوعًا واحدًا يكفي للاطلاع على القضية، مطالبًا هيئة المحكمة بفضِّ أحراز القضية والتصريح بصورة كاملة من محتوى هذه الأحراز، ثم فض أحراز الدعوى المتهم فيها مبارك، ثم الاطلاع على صورة رسمية من التحقيقات التي أُجريت في القضية الأخيرة.

 

وطالب أحد محامي الدفاع بتعديل وصف التهمة من القتل العمد إلى ضربٍ أفضى إلى موت، فيما طالب محامي المتهم الثالث بسماع شهادة شهود الإثبات من 1 إلى 19 ومناقشتهم في أقوالهم.

 

وطالب محامي المتهم الرابع بضم صورة من محضر اجتماع جرى برئاسة مجلس الوزراء يوم 22 يناير الماضي حضره وزراء الإعلام والاتصالات والدفاع ومدير المخابرات العامة، وهو ما ورد بأقوال اللواء عمر سليمان في التحقيقات.

 

وانضمَّ إليه محامي المتهم الخامس، الذي طالب باستدعاء مجلس الوزراء خلال فترة الثورة وعمر سليمان لمناقشتهم، والاستعلام من وزارة الداخلية عن أسماء من ادعوا أنهم قناصة تابعون لها، وعما إذا كان هناك قناصة تابعون للوزارة فعلاً من عدمه.

 

وطالب محامي المتهم الخامس ببطلان أمر الإحالة وإعادة الدعوى مرةً أخرى إلى دائرتها بدعوى عدم الارتباط، وعدم اختصاص المحكمة باعتبارها جنحة وليست جناية.

 

فيما طالب المتهم السادس أسامة المراسي بالاستماع إلى شهادة 4 من قيادات الداخلية، كما طلب محامي المتهم السابع بسماع شهادة اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية الحالي ومناقشته فيها.

 

ورفع بعدها رئيس المحكمة الجلسة للاستراحة، خرج فيها المتهمون من قفص الاتهام، ثم عادوا لاستكمال الجلسة بعد ربع ساعة.

 

وعقب استكمال الجلسة، طالب د. عثمان الحفناوي المدعي بالحق المدني بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين بقتل المتظاهرين، وإضافة التهم الواردة بالمواد 102 و105 مكرر و375 مكرر ومكرر 1 من قانون العقوبات والمتعلقة باستخدام المفرقعات ضد المتظاهرين السلميين والترويع والتخويف والبلطجة، والإخلال بمهام الوظيفة العمومية.

 

كما طالب عبد العزيز محمد أحد محامي الشهداء، بإيداع الرئيس المخلوع مستشفى سجن طره، والسماح لشخوص المدعين بالحق المدني حضور الجلسة.

 الصورة غير متاحة

محامو الشهداء خلال مرافعاتهم أمام المحكمة

 

في حين طالب آخر بضم جميع جنايات قتل وإصابة الثوار على مستوى الجمهورية إلى هيئة المحكمة لتوفُّر حالة الارتباط الذي لا يقبل التجزئة وتوسيع دائرة الاتهام بحيث تشمل كل مَن اشترك في قتل الثوار.

 

بعدها نادى المستشار أحمد رفعت رئيس المحكمة على القضية رقم 3642 لسنة 2011 جنايات قصر النيل، وتأكد من وجود كلٍّ من الرئيس المخلوع محمد حسني السيد مبارك، ليرد عليه المخلوع: "أفندم.. أنا موجود"، ثم ينادي على نجليه علاء محمد حسني السيد مبارك وجمال محمد حسني السيد مبارك ويتأكد من وجودهما، فيما أثبت هروب المتهم الرابع حسين سالم.

 

وتلت بعد ذلك النيابة أمر الإحالة، والذي أكدت أن المتهم الأول اتفاق بطريق الاشتراك مع حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق وبعض قيادات الشرطة السابق الذين تم إحالتهم إلى محكمة الجنايات في ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجرائم القتل والشروع في قتل بعض المشاركين في المظاهرات السلمية بمختلف محافظات الجمهورية، والتي بدأت اعتبارًا من 25 يناير الماضي؛ احتجاجًا على تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية بالبلاد، والمطالبة وبإصلاحها عن طريق تنحيته عن رئاسة الدولة وإسقاط نظامه الذي تسبب في تردي الأوضاع؛ وذلك بتحريض بعض ضباط وأفراد الشرطة على إطلاق الأعيرة النارية من أسلحتهم على المجني عليهم ودهسهم بالمركبات لقتل بعضهم ترويعًا للباقين، وحملهم على التفرق وثنيهم عن مطالبهم وحماية قبضته واستمراره في الحكم؛ ما أدَّى إلى سقوط عددٍ من القتلى والجرحى بين المتظاهرين.

 

وأضافت النيابة: "بصفته رئيسًا للجمهورية قبل وأخذ لنفسه ولنجليه علاء وجمال عطايا ومنافع عبارة عن "قصر على مساحة كبيرة و4 فيلات وملحقاتها بمدينة شرم الشيخ تصل قيمتها إلى 40 مليون جنيه" بأثمان صورية مقابل استغلال نفوذه الحقيقي لدى السلطات المختصة بأن مكَّن المتهم حسين سالم من الحصول على قرارات تخصيص وتملك مساحات من الأراضي بلغت ملايين الأمتار المملوكة للدولة بمحافظة جنوب سيناء في المناطق الأكثر تميزًا بمدينة شرم الشيخ السياحية".

 

وتابعت النيابة: "اشترك مع سامح فهمي وزير البترول الأسبق وبعض قيادات وزارة البترول والمتهم حسين سالم والسابق إحالتهم إلى محكمة الجنايات "باعتبارهم فاعلين أصليين" في ارتكاب جريمة تمكين حسين سالم من الحصول على منافع وأرباح مالية بغير حق تزيد على 2 مليار دولار؛ وذلك بإسناد شراء الغاز الطبيعي المصري للشركة التي يمثلها ورفع قيمة أسهمها ونقله وتصديره إلى الكيان الصهيوني بأسعار متدنية أقل من تكلفة إنتاجه، وبالمخالفة للقواعد القانونية واجبة التطبيق، ما أضرَّ بأموال الدولة بمبلغ 714 مليون دولار تمثل قيمة الفرق بين سعر كميات الغاز التي تم بيعها فعلاً للكيان وبين الأسعار العالمية".

 

كما أسندت النيابة العام للمتهم حسين سالم تقديمه للمتهم الأول ونجليه علاء وجمال القصر والأربع فيلات سابقة البيان مقابل استغلال نفوذ الرئيس المخلوع في تخصيص مساحات شاسعة من الأراضي المتميزة لشركاته بمدينة شرم الشيخ.

 

وأسندت النيابة للمتهمين علاء وجمال مبارك تهمة قبولهما وأخذهما 4 فيلات قيمتها تزيد على 14 مليون جنيه بمدينة شرم الشيخ مع علمهما بأنها مقابل استغلال والدهما المتهم الأول نفوذه لدى السلطة المختصة بمحافظة جنوب سيناء لتخصيص مساحات شاسعة من الأراضي لشركات المتهم حسين سالم.

 الصورة غير متاحة

المستشار أحمد رفعت

 

وسأل المستشار رفعت المتهمين الثلاثة عن التهم المنسوبة إليهم، فرد الرئيس المخلوع: "كل الاتهامات أنكرها كاملةً"، وهي نفس الإجابة التي أجاب بها علاء وجمال مبارك.

 

بعدها طالب محامو الشهداء بعددٍ من الطلبات منها: سماع شهادة المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان في قضية قتل المتظاهرين، وإلزام وزير الداخلية بتقديم كشف بأسماء ضباط أمن الدولة المشاركين في قتل الثوار وضم عاطف عبيد إلى قضية "المخلوع"، وضم اتهام مبارك بالحصول على عمولات بصفقات السلاح إلى القضية، ورفع بصمات مبارك ونجليه باعتبار أن أوراق القضية خلت من صحيفة الحالة الجنائية لهم.

 

كما طالب محامو الشهداء المدعين بالحق المدني النيابة العامة بنسخ كل أوراق القضيتين على (سي دي) وتوزيعها عليهم، وسماع شهادة م. عمرو بدوي الرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وعبد اللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار السابق، ورئيس القناة الأولى ورئيس قناة "النيل للأخبار" خلال الفترة من يناير وحتى إقالتهم.

 

وشدد أحد محامي الشهداء على ضرورة إلزام وزير الداخلية بضم دفاتر أحوال مديرية أمن القاهرة الجيزة والأمن العام والأمن المركزي وأمن الدولة لبيان الضباط المعينين أيام 25- 28 يناير 2011، وإدخالهم في الدعوى كفاعلين أساسيين.

 

وطالب آخر التصريح بسماع جميع المكالمات التليفونية بين المتهمين من يوم 23 يناير وحتى 30 يناير 2011، واستدعاء ممثلي شركات المحمول الثلاثة العاملة في مصر حول قطع الاتصالات خلال يوم الجمعة 28 يناير 2011، فضلاً عن إدخال رموز النظام السابق أمثال صفوت الشريف وزكريا عزمي وأحمد عز وعدد من وسائل الإعلام في الدعوى لتحريضهم ضد المتظاهرين.

 

أما هيئة قضايا الدولة، فادَّعت مدنيًّا ضد المتهمين لصالح الخزانة العامة للدولة بمبلغ مليار جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت لحين حصر كل الأضرار الناشئة عن قتل وإصابة المتظاهرين وتخريب المؤسسات العامة والخاصة والجرائم الواردة بأمر الإحالة وتحقيقات النيابة.

 

وأكد مستشار الهيئة أمام المحكمة أن مبارك ونجليه أضروا بمركز الدولة الاقتصادي وتسببوا في إغلاق البورصة لعدة أيام، وإحداث حالة من الانفلات الأمني، مشيرًا إلى أن ما أصاب الأمة أمر جلل لا يوازيه أي تعويض.

 

من جانبه، طالب فريد الديب محامي المتهمين بسماع شهادة المشير طنطاوي واللواء حسن بشر سكرتير عام محافظة جنوب سيناء السابق وجميع مَن تقلدوا منصب محافظ جنوب سيناء خلال عهد مبارك، كما طالب بسماع شهادة جميع شهود الإثبات الواردة أسمائهم في قائمة أدلة الثبوت وعددهم 1631 شاهدا، وتصوير صفحات محاضر استجواب المتهم الرابع جمال مبارك التي لم يتم تصويرها وتفريغ كارت الذاكرة المسجلة عليها أوراق القضية 1227 لسنة 2011م جنايات قصر النيل، وتسلم نسخة من المخزون.

 

وأعلن المستشار رفعت رفع الجلسة للمداولة.