أكد خبراء ومتخصصون أن محاكمة الرئيس المخلوع مبارك تمثل باعثًا وحافزًا قويَّين للشعوب العربية الثائرة لمواصلة الثورة على الطغاة، رغم المقاومة العنيفة التي يواجهونها منهم.

 

وقال السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، لـ(إخوان أون لاين): إن أثر محاكمة الرئيس المخلوع مبارك على الوطن العربي، وخاصةً الدول التي تشهد ثورات، مثل ليبيا وسوريا واليمن، ينقسم إلى شقين؛ أحدهما الحكام الذين سيستمرون في مواصلة العنف أو الفرار خارج بلادهم من المصير الذي ينتظرهم، وأتوقع أنهم سيستميتون في مقاومة الشعوب خوفًا من المحاكمة ومواجهة نفس المصير، وكلما زاد عدد القتلى زاد تمسك هؤلاء الحكام بالسلطة.

 

 الصورة غير متاحة

 د. عبد الله الأشعل

وأضاف أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يود ترك منصبه بعد ما أصابه من حروق وجراح أضعفت من قوته، ولكنه مجبرٌ على الاستمرار في موقعه ليلعب دورًا رسمه له الغرب؛ لمنع القوة الثورية من الوصول إلى الحكم، وهذا في غير مصلحة الغرب، وليس على هواه، ولا يريد أن يحدث في هذه الدول كما حدث في مصر؛ لأن الغرب حزن على مبارك الذي كان حليفًا قويًّا لهم وحاميًا لمصالحهم في المنطقة.

 

وأكد الأشعل أن الديمقراطية الحقيقية لن تأتي بحلفاء للغرب، بل بحكومات وطنية تعمل لمصلحة وطنها، وهو ما يناقض مصالح الغرب في المنطقة، وفي نفس الوقت سيسعى حكام الدول التي ليست بها ثورات الآن إلى القمع المبكر لأي محاولة للاعتراض أو التلويح برفض الحكم وسيعملون على محاولة تثبيت أركان حكمهم مهما كان الثمن.

 

وقال: إن المحاكمة سترفع الروح المعنوية للثوار، وتضاعف من قوتهم وصبرهم وتحمُّلهم حتى اكتمال الثورة داخل هذه البلاد، ولكن تظل هذه الشعوب المسالمة والغير مسلَّحة تعاني من مواجهتها لهؤلاء الحكام وقواتهم الهائلة وقدراتهم المادية التي هي مقدرات الدول والشعوب أصلاً.

 

ويرى د. سيف عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن محاكمة الرئيس المخلوع سابقة تاريخية من نوعها ولم تمر بها المنطقة من قبل، رغم تعدد الثورات في تاريخها، فلم يحاكم رئيس سابق أمام شعبه وفي إطار القانون المدني الطبيعي، بينما المحاكمة الوحيدة كانت لشاه إيران غيابيًّا ولم يحاكم في الإطار القانوني.

 الصورة غير متاحة

 د. سيف عبد الفتاح

 

وأكد أن هذه المحاكمة تغري الشعوب العربية في المنطقة بتحقيق أحلامها، وتؤكد حقها في التعبير عن رأيها فيمن يحكمونهم بعد أن مثلت مصر نموذجًا لهم، يستطيعون محاكاته، ولكن عليهم دفع ثمن الديمقراطية وضريبة الحرية؛ فمن يريد الحرية ينبغي عليه دفع ثمنها.

 

وأضاف أن هذه المحاكمة ستُحدث حالةً من حالات القوة للشعوب، وسيصبح من الواجب بالنسبة لهم إسقاط هذه النظم في هذه الفترة من ربيع الثورات العربية وفي المقابل ستواجه تطلعات الشعوب بازدياد في العنف واستماتة من الحكام الذين يتشبثون بكراسيهم.

 

وتوقع د. عبد الفتاح أن هذه المحاكمة سيكون لها تأثير كبير في الأوضاع في المنطقة مستقبلاً واعتبرها رسالةً لكل النظم في الوطن العربي، ولن تتوقف هذه الثورات، ولن يمر وقت قصير على البلاد التي خمدت فيها بعض الاحتجاجات حتى تعود من جديد، والتي خمدت بسبب تأخر إسقاط الحكام في ليبيا وسوريا واليمن.

 

 الصورة غير متاحة

 د. حلمي شعراوي

وقال د. حلمي شعراوي، مدير مركز البحوث العربية والإفريقية: رغم أن كل حكام الدول العربية- بما فيها حكام ليبيا وسوريا واليمن- ظلوا يرددون منذ شهر يناير الماضي أن بلادهم ليست مصر أو تونس، لكن من الواضح أنهم يسيرون على نفس الخطى، مضيفًا أن هذه المحاكمة ستمثل باعثًا وحافزًا قويين لشعوب هذه الدول؛ لمواصلة الثورة على الطغاة، رغم المقاومة العنيفة التي يواجهونها منهم.

 

وأضاف أن هذه المحاكمة العادلة أما المحاكم الطبيعية تمثل امتدادًا لثورة مصر العظيمة، وهي حلقة جديدة تضاف لرصيد مصر وصورتها أمام العالم، ودليل على حضارة هذا الشعب، وطالب بالاستفادة بهذه المكانة الجديدة والقوية لمصر، ومراعاة الوضع الثوري وتعديل قانون الغدر؛ لأن الثورة هي التي أتت بمبارك إلى قفص الاتهام بعد إذلاله للشعب طيلة ثلاثين سنة.

 

وأكد أن الشعوب أصبحت رقمًا صعبًا، يصعب تخطيه، كما اعتادت الأنظمة الدكتاتورية أن تفعل، وأنها تضع نهايةً حقيقيةً للتفرقة بين الحكام والشعوب.