- المستشار الخضيري: تزوير شهود الإثبات لن يحسِّن موقف المخلوع وأعوانه

- خالد أبو بكر: تغيير الشهادة كان متوقعًا لأن الشهود متهمون بتنفيذ إطلاق النار

- علي كمال: النيابة تتحمل مسئولية تراجع الشهود وطلب رد الدائرة مطروح

- د. محمود السقا: الحكم يكون وفقًا لقناعة القاضي وتغيير الأقوال غير مؤثر

 

تحقيق: أحمد جمال

أثارت الجلستان السابقتان في محاكمة المخلوع مبارك ونجليه ووزير داخليته ومعاونيه بعد بدء سماع شهادات شهود الإثبات الذين تحولوا إلى شهود نفي، مزورين لشهاداتهم ومغيِّرين لأقوالهم في تحقيقات النيابة جدلاً واسعًا، حول مدى تأثير تزوير الشهادات في موقف المخلوع والعادلي في القضية.

 

ويثير ما شهدته الجلستان الأخيرتان العديد من التساؤلات حول أسباب هذا التراجع وتأثيره في القضية، وفي تحقيقات النيابة التي قدمتهم كشهود إثبات، ومن يقف وراء ذلك التراجع، والضغوط التي تمارسها هيئة الدفاع عن المخلوع للبحث عن مخرج له من القضية.

 الصورة غير متاحة

 المستشار محمود الخضيري

 

(إخوان أون لاين) يناقش مسار محاكمة المخلوع وما طرأ عليها في سطور هذا التحقيق:

بدايةً يقول المستشار محمود الخضيري، نائب رئيس محكمة النقض سابقًا وعضو هيئة الدفاع عن أسر الشهداء: إن الوقت لا يزال مبكرًا للحكم على المحكمة وسير القضية، فهي لا تزال في بدايتها وقائمة الشهود طويلة، وتراجع الشهود عن شهادتهم يحدث في كل قضية وللمحكمة الصلاحيات في التعامل مع هذا الأمر، ومن حقها أن تأخذ بالشهادة الأولى أو الثانية حسب ما ترى.

 

ويضيف أن شهود الإثبات الذين تم استجوابهم في الجلسة الأخيرة كلهم ضباط في وزارة الداخلية وهم من تلقوا الأوامر في ثورة 25 يناير وكونهم شهودًا لا ينفي عنهم تهمة إطلاق النار على المتظاهرين، ولو ثبتت على أي منهم التهمة فللمحكمة أن تضمه لقائمة المتهمين وتحكم عليه.

 

ويطالب المدعين بالحق المدني بزيادة جهودهم ومناقشة الشهود لإظهار تناقض شهادتهم أمام المحكمة مع شهادتهم أمام النيابة، وإثبات ذلك لهيئة المحكمة لإيضاح هذا التراجع، منتقدًا الخطأ الذي وقعت فيه بعض وسائل الإعلام بعد الجلسة؛ بإعلان تحسن موقف المتهمين، مؤكدًا أن الوقت لا يزال مبكرًا على مثل هذا الحديث.

 

خروج عن المسار

 الصورة غير متاحة

 خالد أبو بكر

ويؤكد خالد أبو بكر عضو هيئة الدفاع عن أسر الشهداء أن الجلسة قبل الماضية لمحاكمة مبارك شهدت عددًا من المخالفات، خاصة اختلاف تعامل المحكمة مع المدعين بالحق بعد وقف البث التلفزيوني، قائلاً: إن المحكمة برئاسة المستشار أحمد رفعت تعاملت باستهتار مع مطالب المدعين بالحق المدني، بينما أعطت مساحة كبيرة لهيئة الدفاع عن الرئيس المخلوع ونجليه والعادلي ومعاونيه ليتقدموا بطلباتهم، ويناقشوا ما أنجز منها رغم أن المحكمة أعلنت في وقت سابق أن الجلسة مخصصة لسماع شهود الإثبات.

 

ويوضح أن تغيير شهود الإثبات لشهادتهم أمام النيابة كان أمرًا متوقعًا، خاصة أنهم هم الذين نفذوا أوامر إطلاق النار، فهم متهمون أيضًا والشاهد الأول محكوم عليه بالسجن سنتين؛ لقيامه بإتلاف أسطوانة تسجيلات جهاز الأمن المركزي، فهم متهمون أيضًا وليسوا مجرد شهود، مشيرًا إلى أن شهادتهم بتلقي تعليمات بضرب المتظاهرين سيثبِّت التهمة عليهم، مؤكدًا أن التقصير جاء من النيابة في التحقيقات، وكان مطلوبًا منها أن تتدخل عند تراجع الشهود عن أقوالهم وتواجههم بأقوالهم في النيابة والأدلة، ولا يمر الأمر بهذه الطريقة.

 

ويؤكد أن هناك ضغوطًا كبيرةً مورست على الشهود من قبل قياداتهم في وزارة الداخلية وزملائهم وأقارب المتهمين الموجودين في الوزارة، فمساعدو وزير الداخلية والقيادات الأمنية التي تحاكم لهم أقارب من الدرجة الأولى في الوزارة، ولا يزال لهم نفوذ استخدموه في الضغط على الشهود، مشيرًا إلى أن غياب دور النيابة في مواجهتهم ساهم في تسهيل التراجع عن أقوالهم أمام المحكمة، مضيفًا أن هناك بعض الأمور لا تحتاج إلى إثبات مثل أمر إطلاق النار على المتظاهرين، فالمتهم معروف ومن الطبيعي ألا يثبت الأمر في دفاتر أو وثائق ومن تلقى الأمر لن يعترف على نفسه.

 

ويطالب المستشار أحمد رفعت وهيئة المحكمة بأن يشعروا بحجم القضية، ويتعاملوا بإيجابية مع مطالب الدفاع عن أسر الشهداء والمدعين بالحق المدني، مؤكدًا أن الجلسات القادمة ستشهد وقفة من المدعين بالحق المدني أمام تصرفات المحكمة والنيابة للدفاع عن حقوق أسر الشهداء.

 

 ويضيف أن كل الأحداث التي رافقت هذه الجلسة ومنها تراجع الشهود عن أقوالهم والتعامل الأمني مع المحاكمة وتجاهل المحكمة لمطالب المدعين بالحق المدني بمناقشة الشهود تأتي كجرس إنذار على سير القضية، لافتًا إلى أن قائمة شهود الإثبات لا تزال طويلة وموقف المتهمين لم يتحسن وسيتغير أسلوب تعامل فريق الدفاع عن أسر الشهداء، وسيكون أكثر اصطدامًا وحزمًا مع المحكمة، مطالبًا المستشار أحمد رفعت بتصحيح مسار القضية وإعادتها إلى مسارها الصحيح.

 

دور النيابة

 الصورة غير متاحة

علي كمال

 ومن جانبه يستنكر علي كمال، عضو هيئة الدفاع عن أسر الشهداء وعضو مجلس نقابة المحامين السابق، ما قامت به النيابة العامة في قضية قتل المتظاهرين، قائلاً: "كان يجب على النيابة أن تكون أمينة على الدعوى الجنائية، وتؤسس أركان القضية على أسس صحيحة وشهود إثبات حقيقيين وليس شهود نفي كما حدث في جلستي المحاكمة الأخيرتين لأن الأصل في شاهد الإثبات أنه ركن أصيل في إثبات التهمة وليس نفيها" محملاً النيابة مسئولية تغيير شهادة الشهود.

 

ويوضح أن هيئة الدفاع تناقش الخطوات والإجراءات القانونية التي ستتخذها تجاه ما حدث، مشيرًا إلى أن كل الخيارات مطروحة في المرحلة المقبلة إذا ما استمر التعامل بنفس الطريقة بما في ذلك طلب رد الدائرة ولكن لكل مقام مقال.

 

ويؤكد أن الشهود حنثوا في يمينهم الذي أقسموه أمام هيئة المحكمة؛ ولكن هذه الشهادة ليست نهاية القضية فلن تغير شهادة 6 أو 7 أشخاص مشكوك في صدقهم من مسار القضية، فمبارك لا يزال متهمًا ومن المستحيل أن يحصل على البراءة بعد ما ارتكبه وسيعمل فريق الدفاع على إظهار الحقيقة.

 

الخيانة

 الصورة غير متاحة

د. محمود السقا

 ويوضح الدكتور محمود السقا، أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة، أن قضية المخلوع ومساعديه في يد القضاء وهو صاحب السلطة خاصةً أن القاضي الجنائي يعتبر قاضي اجتماع يبحث في سبب تغير رأي الشاهد، ويحكم حسب قناعته الشخصية وإحساسه الداخلي بعد التشاور مع المستشارين، فالمبدأ القانوني يقول إن الحكم يكون وفقًا لقناعة القاضي.

 

ويضيف أن الدعوى الجنائية هي الأصل بالنسبة لقضية المخلوع والقاضي وحده هو المخول بأخذ الإجراءات التي يراها وتسيير إجراءات المحاكمة، بما فيها التعامل مع طلبات المدعين بالحق المدني؛ لأن الشق المدني منفصل عن الدعوى الجنائية، وبعد سماع الشهود والمرافعات وانتهاء القضية يحيل القاضي الدعوى المدنية إلى القاضي المختص.

 

ويتساءل د. السقا عن السبب في قصر قضية المخلوع على قتل المتظاهرين في ميدان التحرير قائلاً: "لماذا لم تُضَف إلى القضية جرائم أخرى اقتصادية واجتماعية وسياسية تصل به إلى جريمة الخيانة العظمى؟"، موضحًا أن المخلوع مبارك خان اليمين الدستورية التي أقسمها بالحفاظ على القانون والدستور والنظام الجمهوري وسعى لتوريث الحكم لابنه، ودمر البلد في كل المجالات وصدر الغاز للكيان الصهيوني في خيانة واضحة للوطن، فضلاً عن استيلائه هو وزوجته وأولاده على مقدرات البلد وتكوينهم ثروات طائلة، وهي مسئولية جنائية يجب أن يحاسب عليها لأنها خيانة للأمانة وخيانة للأمة.

 

وأوضح أن إضافة هذه الاتهامات إلى لائحة اتهام المخلوع ومعاونيه بيد القاضي وحده، وله أن يتخذ هذا الإجراء إذا وجد أن لائحة الاتهام التي قدمتها النيابة غير مكتملة.