ما زال العيد هو المناسبة صاحبة أكبر رصيد من الذكريات في عقول وأذهان المسلمين، وخاصةً رموز العمل الإسلامي، وللعيد مذاقه الخاص عند المغاربة، وفي السطور القادمة نطوف مع رموز العمل الإسلامي في المغرب حول أبرز ذكرياتهم مع العيد:

 

توثيق الروابط الأسرية

ويعتبر الدكتور إدريس الكتاني رئيس نادي الفكر الإسلامي بالمغرب أن العيد يمثل "مناسبة إسلامية واجتماعية بالدرجة الأولى؛ إذ نجد أن تقاليد الأسرة المغربية تزداد توثيقًا بتزاور أفراد العائلة والأصدقاء؛ فهو يجسِّد علاقات الحب والتعاطف والتعاون المتينة التي تميز الأسرة الإسلامية عن غيرها الغربية".

 

مؤكدًا أن العيد من عوامل قوة تماسك الأسرة الإسلامية واستمرارها؛ في حين أن الأسرة في الحضارة الغربية تلاشت وانتهت الروابط بين أفرادها، و60% من أعضاء أسر الغربيين لا يعرفون آباءهم، والآباء لا يعرفون أبناءهم"، مؤكدًا: "أن الأسرة الإسلامية تعتبر أقوى نظام عرفته الإنسانية؛ ببنيتها المتينة وما يتخللها من مودة وحب وتعاطف بين الأفراد".

 

وعن ذكرياته في هذه المناسبة الدينية يقول الكتاني: "لقد قيَّض الله لي أن أقضيَ عيد الفطر في دولة عربية بعيدة عن المغرب وبعيدًا عن أسرتي، فشعرت بحنين وشوق كبير إلى تلك العلاقات الاجتماعية العظيمة والمتينة".

 

أما الدكتور سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية فهو أيضًا حريص على إحياء هذا التلاحم الأسري، وعن ذكرياته مع العيد أردف قائلاً: "أقضي مناسبة عيد الفطر مع أسرتنا الكبيرة بالدار البيضاء، وهي أسرة زوجتي، أما عيد الأضحى فأفضل سنويًّا وفي غالب الأحيان إحياءه بين أحضان أسرتي بـ"إنزكان" بالجنوب المغربي"، مشيرًا إلى أن العيد فرصة لصلة الأرحام وإحياء سنة في الإسلام، خاصةً أن عيد الفطر يأتي شكرًا لله بعد أن أنعم علينا بصيام رمضان؛ إذ يكون مناسبة لرفع الرجاء ليتقبل منا عباداتنا وسائر طاعاتنا في شهر رمضان".

 

صيام بعد العيد

 

الداعية عبد الباري الزمزمي

الداعية عبد الباري الزمزمي خطيب مسجد الحمراء سابقًا بالدار البيضاء والنائب البرلماني حاليًّا، يشير إلى أنه اعتاد إحياء مناسبة العيد في مسجد والده بطنجة (شمالاً)، خاصةً مع احتكار الدولة مصلَّى العيد، وأضاف قائلاً: "أقضي المناسبة بطنجة؛ حيث أصلي صلاة العيد بمسجد الوالد محمد الزمزمي رحمه الله، وبعدها أتلقَّى تهاني الأقارب والإخوان بالمناسبة".

 

وعن ذكرياته مع العيد يتذكر الزمزمي حكايتين؛ الأولى: كانت منذ ثلاثين سنة؛ حيث أعلن في بلاغ رسمي عبر التلفزة أن رمضان قد أكمل ثلاثين يومًا، وفي حدود الحادية عشرة صباح اليوم التالي  أذاع التلفاز خبرًا يفيد أنه يوم عيد، وفوجئنا بالعيد في منتصف النهار، فخرج ملك البلاد ليصلي صلاة العيد".

 

أما الحكاية الثانية فيتذكرها الزمزمي والضحكات تعلو وجه ويقول: "في بداية الستينيات من القرن الماضي وعندما كان الشيخ علال الفاسي رحمه الله وزيرًا للأوقاف والشئون الإسلامية؛ كان يصر على توحيد الصيام مع الشرق، لكن والدي رحمه الله، كان يصر على أن لكل بلد رؤيته، فما كان من الوزير إلا أن أعلن عن يوم العيد، واعتبره الوالد محمد الزمزمي تلاعبًا بالدين، فصلى العيد مع أصحابه في مسجده وصام بعد العيد يومين، فكانت ضريبة على القيمة المضافة".

 

فرصة للتحرر

بدوره يقول الشيخ محمد السحابي الداعية الإسلامي وعالم القراءات القرآنية بالمغرب: إنه حريص على إحياء العيد ببلد نشأته "زعير" وهي بادية قريبة من الرباط "غالبًا ما أقضي المناسبة ببلدة زعير، وهي فرصة سانحة لزيارة الأسرة والتفرغ للتأليف العلمي؛ حيث لا يتيسَّر لي ذلك بسلا والرباط، كما هي فرصة لاسترجاع أحلى الذكريات مع اللوح (ألواح خشبية يستعملها المغاربة في حفظ القرآن الكريم)".

 

وبابتسامته المعهودة قال الشيخ السحابي: إن مناسبة العيدين كانت دائمًا لنا ونحن صغار مناسبةً للإجازة في المدارس القرآنية، "وكنا دائمًا في انتظار لاقتراب مناسبة العيد، وهي عطلة للاستراحة من معاملة شيوخنا الشديدة لنا، وحرصهم الكبير على أن نحفظ القرآن، ولذا كان العيد فرصةً للتحرر من معاملة الفقهاء لنا".

 

وفي تعليقه على صيام والد الزمزمي ليومين بعد العيد، قال الشيخ السحابي مدير مدرسة التوحيد بسلا: إن هذا السلوك نابع من خشية السلف الصالح وحرصهم على العبادة؛ فهناك أناس كان يغمى عليهم من الجوع ولكنهم لا يفطرون خلال رمضان.