تقوم الحياة الزوجية على ركيزتين؛ الأولى: المودة، والثانية: الرحمة، مصداقاً لقوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الروم: 21).

يقول العلماء والمفسرون: كلتا الركيزتين تفضي إلى الأخرى، فالمودة تكون أولاً ثم إنها تفضي إلى الرحمة، ولهذا فإن الزوجة قد تخرج عن محل الشهوة بمرض أو كِبَر، ويبقى قيام الزوج بها والعكس.

لكن الحياة لا تخلو من منغصات وضغوطات، ولا تسلم من حسد، أو تدخّل من الغير، وحينها قد يتسلل إلى الزوجين أجواء غضب أو بغضاء أو شحناء، أو قل علامات عدم الرضا والتجاهل للآخر.

لذلك، ينصح خبراء علم النفس بالانتباه إلى الصمت قبل الكلام، والحذر من الخرس الزوجي، وتجنب الفتور في العلاقة الزوجية، والحيطة من تراجع منسوب المودة والرحمة، التي أوصانا بها الذكر الحكيم.

ومن الحكمة الانتباه إلى 5 مؤشرات أوردها موقع «سايكولوجي توداي»، قد تفاقم الخلاف بين الزوجين، وقد تتسبب في الانفصال، فيقع الطلاق، ويتشرد الأبناء، وتنهار الأسرة.

أولاً: ارتفاع حدة التوتر والصراع بين الطرفين؛ ما يعني وجود حالة من عدم الرضا عن الشريك، ووجود مشكلات عدة لم يتم حلها، الأمر الذي يؤدي إلى كثرة الخلاف، وارتفاع الصوت، وربما الشجار.

ولذلك ينصح الإسلام كلا الزوجين بغضّ الطرف عن السلبيات، والنظر إلى الأخلاق والطباع الجميلة، والموازنة بين الحسنات والنقائص، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يفرك مؤمنٌ مؤمنة، إن كَرِه منها خلقًا رضِي منها غيره» (رواه مسلم).

ثانياً: تراجع التواصل، أو ما يسميه العلماء بـ«الانسحاب العاطفي»، أو الانزواء وعدم الاستجابة للشريك، أو انقطاع العلاقة الزوجية، وصولاً إلى الاقتناع بالرغبة في الانفصال والطلاق.

قال الله عز وجل في محكم كتابه: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) (النساء: 19)؛ أي: ينبغي عليكم أن تمسكوا زوجاتكم مع الكراهة لهن، فإن في ذلك خيراً كثيراً، ويجب أن يكون المعروف قائماً بينهما، من باب الرحمة بين الزوجين.

ثالثاً: عدم المبادرة لمشاركة الشريك اهتماماته، بشكل يبدو فيه أحد الطرفين -الزوج أو الزوجة- غير مبال بالآخر.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خيرُكم خيرُكم لأهلِه وأنا خيرُكم لأهلي»، لذلك على الزوج أن يبادر بمنح زوجته القدر الكافي من الاهتمام، وتفقد حاجتها، ونفقتها، وتقدير جهدها، والإشادة بما تقدمه من أداء لخدمته وخدمة أبنائها، حتى يتلافى مثل تلك المؤشرات السلبية.

رابعاً: «السلوك السري»؛ مثل أن يظهر الزوج أو الزوجة سلوكاً سرياً، مثل المراوغة بشأن مكان وجوده أو أنشطته، أو يحجب المعلومات عن عمله ودخله وعلاقاته، هنا يبدأ الظن والشك في التسلل وتخريب ما بينهما من مودة ورحمة، يقول المولى عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ (الحجرات: 12)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث» (رواه البخاري ومسلم).

لذلك ينصح بضرورة التزام الصدق والمصارحة بين الزوجين حتى لا يفتح أحدهما باب الظن والشك فيخرب ما كان بينه وبين أهله من وئام.

خامساً: فقدان الاهتمام بالأهداف المشتركة أو الخطط المستقبلية، أو ما يتعلق بمستقبل الأبناء، وغير ذلك من تطلعات، هنا يبحث كل طرف عن مصلحته، وربما يفكر في ذاته فقط، دون النظر إلى مصلحة أهله وأسرته، وبالتالي قد يفتح باباً كبيراً للخلافات الزوجية، متناسياً حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولدِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِه» (متفق عليه).

المصدر: المجتمع