بالله عليك خبِّرني.. ماذا يفعل هؤلاء المجتمِعون في شرم الشيخ اليوم 24/6/2007م "حسني مبارك, عبد الله, عباس, أولمرت"؟! لقد جاء هذا الاجتماع في وقت قاتل ومهمّ للقضية الفلسطينية، وكان الأولى أن يكون الاجتماع بين القيادات الفلسطينية وخاصةً من فتح وحماس، الفصيلَين الأبرزين على الساحة الفلسطينية، وبين رئيسَي مصر والأردن للأهمية الإستراتيجية الكبرى التي تمثِّلها فلسطين للأمن القومي لهاتين الدولتين.

 

ولست بحاجة لشرح الأمن القومى لمصر والأردن بما يشكِّله قطاع غزة كبوابة شرقية لمصر، وما تمثله الضفة الغربية كبوابة غربية للأردن, ولستُ بصدد الحديث عن الأراضي التي يحتلها الكيان الصهيوني عام 48 وهي التي تمثل الخطر الحقيقي على مصر والأردن بل على سائر الدول العربية؛ لأنه للأسف الشديد أصبح هذا الكيان هو الأقرب لمصر والأردن عنه من الضفة وغزة.

 

وبات بنو صهيون منشغلين أكثر بضرب المقاومة في الضفة وغزة، وأصبحت مصر والأردن يشغلهما سيطرة حماس على الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، وأصبحت الإمارة الإسلامية المزعومة في القطاع هي التي تؤرِّق المجتمِعين في شرم الشيخ، هذه الإمارة الإسلامية التي أُعلِنَت من قِبَل أطراف إقليمية ودولية ولم تُعلَن من قِبَل سلطات حكومة الوحدة في القطاع, إذًا فهي أُعلنت من طرف واحد دون الطرف المعني الأول بشئون القطاع، وكأنهم يقولون أنتم الخطر الداهم علينا، ويجب أن نتَّحد لضربكم وإفشالكم.

 

انظروا معي للعجائب.. (حماس) التي تم انتخابها بصورة ديمقراطية ممثّلة للشعب الفلسطيني أصبحت خطرًا داهمًا على مصر والأردن وضفة محمود عباس وليس الاحتلال الجاثم على الأرض الفلسطينية وليس الكيان الصهيوني القائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي زرع كما كنا نقول في السابق كوَرَم سرطاني في قلب الأمة العربية.

 

لقد أصبح الكيان حبيبَهم وحماس عدوّتَهم.. الكيان صديقهم وحماس غريمتهم.. لقد قُلبت الحقائق تمامًا وأصبح الاستسلام لهذا الواقع الأليم عارًا علينا, لقد ضُرِبَ المشروعُ الصهيوأمريكي بقوة في المنطقة، وبات الحاكم الآمر فيها، وعندما تنتفض المقاومة وتقضي على فريق الخيانة المتآمر الذي كان ينفّذ أجندةَ المشروع المدمّر للقضية الفلسطينية هبَّ هؤلاء الرؤساء الأربع هبةَ رجلٍ واحدٍ للقضاء على- أو احتواء- هذا الفصيل المقاوم؛ حتى لا يشكِّل نموذجًا لكل دول المنطقة، ويتم تصحيح مسار المشروع الصهيوني الأمريكي الذي تعرَّض لضربة موجعة بالسيطرة الحمساوية على القطاع، ويبدو أن من إنجازات أولمرت في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية إصدار بوش الأوامر ليلتئم هذا اللقاء بسرعة.

 

انظروا إلى مواقف الرؤساء الأربعة

الرئيس مبارك منزعج جدًّا من إمارة إسلامية غير موجودة على حدوده الشرقية، ويرى أبو الغيط أن إيران تلعب دورًا في هذا الاتجاه، وقام النظام المصري بالانحياز الكامل لأحد الأطراف؛ بتأييده أبو مازن وحكومة الطوارئ، وإدانة انقلاب حماس، وسحب الوفد الأمني والبعثة الدبلوماسية المصرية من قطاع غزة وإرسالها إلى الضفة.

 

غير أن العالِمين ببواطن السياسة يقولون إن النظام يرتجف لكون حماس محسوبةً على تيار الإخوان المسلمين الذي يعاديه النظام المصري في الداخل، فأصبح محصورًا بين الداخل والخارج.

 

والعاهل الأردني يشترك في نفس المخاوف ولكن بدرجة أقل؛ لكون القطاع لا يقع مباشرةً على الحدود الأردنية، ولكنه يخشى من انتشار المدِّ الإسلاميِّ، وتقوية الحركة الإسلامية الأردنية التي ما فتئ يقوِّضها.

 

ولن نجهد أنفسَنا في تفسير وجود أولمرت في هذا الاجتماع؛ لأن الرجل ببساطة يدافع عن هذا الكيان الذي يرأسه بأدوات دولية وإقليمية، ويريد ضرب المقاومة بأي شكل وتحت أى مسمّى، وخاصةً بعد أن فقد الدعم المباشر من تياره الانقلابي الخياني في القطاع.

 

وحين نصل إلى عباس فحدِّث ولا حرج.. الرجل يرفض أيَّ حوار مع حماس في غزة، ولكنه يلهث في عمل حوار ولقاءات دائمة مع صديقه أولمرت.

 

الكل مجتمع بصورة عاجلة ولافتة لبحث كارثة غزة، ليس الكارثة ببعدها الإنساني، ولكن ببعدها الأمني الذي تمثَّل في سيطرة حماس على قطاع غزة!!