- محنة الاعتقال وسَّعت من دائرة أحبابنا

- ابنته أسماء: معنوياتي في السماء ووالدي بريء

 

حوار- روضة عبد الحميد

استأذنتُ أسرةَ المحاسب ياسر عبده- الذي تمَّ إحالته لمحكمة عسكرية مؤخرًا- أن أُجري معهم حوارًا، وافقت الأسرةُ وعلى الفور كنتُ هناك.. فتحت لي ابنته الوحيدة أسماء- ذات الـ19 عامًا- الطالبة بالفرقة الثانية بكلية الفنون التطبيقية، ثم أجلستني في غرفة ريثما تأتي والدتها فلفت نظري كمُّ الكتبِ الموجودة بها، وأخذتُ أقلب عيني فيها فلاحظتُ أنَّ الطابعَ الاقتصادي قد غلب عليها؛ "الرخاء بدون تضخم" "النمو والتنمية مع إشارة خاصة إلى البلدان النامية"، "الأصول العامة للاقتصاد الإسلامي"، "دراسات اقتصادية إسلامية"، "الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية".. فظننتُ أنه يدرس دراسةً أكاديميةً أو يحضر دكتوراة إلا أنني علمتُ فيما بعد أنه يقرأ ليشبع رغبته في الفهم والمعرفة.

 

وحين جاءت زوجتة أمنية هاني هلال- ربة منزل وناشطة في مجال العمل الخيري- طلبت منها أن تحدثني عن زوجها فقالت: "إنه أستاذي"، وتستطرد: إنني أحبه في الله كأخ قبل أن يكون زوجي؛ هو طيب جدًّا، محبًّا للآخرين ومتسامحًا؛ حتى إنَّ الأستاذ محمد عبد القدوس حين كتب عنه خصَّه بوصف "الأتقياء الأخفياء"، ونحسبه كذلك ولا نُزكي على الله أحد، ووصفه آخرون بالاقتصادي المهذب، وهو بالفعل على خلقٍ عالٍ ومتعاون جدًّا.

 

وأخذت تعرِّفنا بزوجها أكثر، فقالت: وُلد سنة 1955م بالعمرانية من أسرة مجاهدة فوالده هو الشيخ محمود عبده الذي كان من المجاهدين في فلسطين، والذي بلغ إجمالي سنوات اعتقاله حوالي 15عامًا على فترتين، وخاله أيضًا مرَّ بظروف اعتقال، وبالتالي فالأسرة كلها مجاهدة.

 

وقد تخرَّج في كلية التجارة جامعة القاهرة، ويعمل بالمصرف المتحد- المصرف الإسلامي سابقًا- ويشغل فيه منصب نائب مدير بإدارة الائتمان، وهو في الوقت نفسه أمين عام نقابة التجاريين بالجيزة.

 

أبرياء أمام القضاء

* في البداية.. ما تعليقك على قرار تحويل زوجك و39 آخرين معه للمحكمة العسكرية؟

** هذا القرار صدر بعد أن برَّأتهم المحكمة المدنية وبعد أن أعطاهم القاضي الطبيعي قرارًا بإخلاءِ السبيل، فلم يجد الظالمون حلاًّ ولا سبيل سوى تحويلهم للمحاكم العسكرية في تصعيدٍ غير مبرر؛ لأن الأصل أن أُحاكم أمام القاضي المدني، بينما يُحاكَم أمام القضاء العسكري العسكريون التابعون للمؤسسات العسكرية، فالنظام لم يجد حلاًّ للقضاء على الحرياتِ إلا بالقضاءِ العسكري؛ لأنَّ المحاكمَ العسكريةَ ليس بها استئناف ولا طعن، ثم الذين يدعون أن الإخوان سيحاكمون أمام القضاءِ العسكري لأنهم لا يؤمنون بالقضاة وبالقانون المدني لا ردَّ عليهم سوى أنها ذريعة غير حقيقة، فأبسط رد هو لماذا كرَّس الإخوانُ كلَّ جهودهم لمعاونةِ القضاة في أزمة مطالبتهم بالاستقلال، معرضين أنفسهم لمخاطر الاعتقالاتِ وغيرها؟؛ ولذا فإننا نحن كزوجاتٍ للمعتقلين نطالب بمحاكمة أي مواطنٍ مصري أمام القضاء المدني.

 

ليست الأولى

* وما سوابق هذا الاعتقال؟

** اعتقل أول مرة بعد أحداث 81 بعد مقتل السادات، وخرج بعد حوالي 6 شهور، ثم بعد زواجنا بأشهر تمَّ اعتقاله في سنة 87؛ لأنه كان مندوب لجنة في انتخابات عن المستشار المأمون الهضيبي وكنتُ وقتها حاملاً في ابنتي أسماء، وخرج بعد حوالي 20 يومًا، ثم في مايو 2005م كان مع د. عصام العريان وآخرين، وهجموا على البيتِ وقبضوا على أربعة من الإخوان وخرج بعد حوالي 6 أشهر، ثم كانت هذه المرة والتي تأتي بعد مرور سنة وشهرين على آخر اعتقال.

 

وعندما سألتُ ابنته أسماء عمَّا يُمثله والدها لها، قالت إنه قدوتي بكل تأكيد، وأنا أحب كل شيء فيه حتى عيوبه التي قد يراها الآخرون عيوبًا-  مثل هدوئه- أحبها، وعلاقتي بوالدي علاقة "متينة" فهو