أظن أن أعضاء المطبخ السياسي للدولة قد انتهوا الآن من إعداد البروتوكول المفصل والمحنك للانتخابات البرلمانية القادمة، مصممين على تحقيق هدفين واضحين:

 

الهدف الأول: هو تحقيق الأغلبية المطلوبة للحكومة، مع ترك عدد متفق عليه لشخصيات مختارة ومحسوبة على المعارضة.

 

الهدف الثاني: هو الحرص بقدر الإمكان على إخفاء عمليات التزوير الكبرى المزمع تنفيذها عن الرأي العام العالمي.

 

أما الرأي العام المحلي والمسمى بالمصريين، فلا يشغلهم كثيرًا؛ لأنه سيكون شاهدًا بنفسه على التزوير، ولن يمكن تضليله، وبالتالي لا داعي لبذل أي جهود ضائعة معه.

 

إذًا المطلوب هو ارتكاب جريمة التزوير بلا شهود ولا أدلة أمام الخارج.

 

أما خطة العمل فالأغلب أنها ستتضمن ما يلي:

 

أولاً: الجانب التنفيذي:

تتم أعمال التزوير بالآليات المعتادة وأهمها:

- إظهار العين الحمراء منذ اللحظات الأولى ليوم الانتخاب، وذلك بتوجيه رسائل عملية وسريعة وبالغة العنف، بأنه لن تكون هناك انتخابات أو تصويت فعلي، وأن النتائج محسومة بالقوة منذ البداية.

 

- وذلك بغرض الوأد السريع المبكر لأي آمال لدى المرشحين وأنصارهم في نزاهة العملية الانتخابية، وإيصالهم إلى الشعور باليأس واللا جدوى، ما قد يدفع الكثيرين منهم إلى الانسحاب المبكر.

 

- وهو أمر إن تحقَّق فإنه سيوفر جهودًا ومواجهات، هم في غنًى عنها وعن ضجيجها الإعلامي الخارجي.

 

- منع مندوبي المعارضة من الوجود داخل اللجان بأية طريقة: سواء بعدم اعتماد توكيلاتهم أو منعهم بالقوة.

 

ثم يقوم موظفو الدولة بتسويد البطاقات، تحت حماية أجهزة الأمن، مستغلين غياب أي إشراف قضائي وفقًا للتعديل الدستوري الذي تم على المادة 88.

 

- توزيع ملايين البطاقات الحمراء التي في حوزة أجهزة الدولة، بدون علم أصحابها، على المخبرين والموظفين الحكوميين للتصويت بها باللجان المختلفة، مستغلين عدم اشتراط التصويت ببطاقة الرقم القومي.

 

- تقوم قوات الأمن المركزي بمنع الناخبين من الوصول إلى اللجان والإدلاء بأصواتهم، بالذات في الدوائر المقلقة.

 

- استخدام البلطجية في إرهاب وضرب الناخبين من أنصار مرشحي المعارضة.

 

- يقوم جهاز أمن الدولة بتأمين الساحة قبل الانتخابات بوقت كافٍ، وذلك باعتقال أنصار المرشحين الأقوياء المطلوب إسقاطهم، وكذلك اعتقال كل من يمكن أن يكون مصدرًا للإزعاج في يوم الانتخاب.

***********

 

ثانيًا: الجانب الإعلامي:

- تتولى أجهزة الدولة الإعلامية تنفيذ التغطية المعتادة للانتخابات، مع إبراز إقبال المواطنين على التصويت، والتركيز على رئيس الجمهورية وعائلته، وكبار رجال الدولة، ورؤساء الأحزاب الصديقة، والشخصيات العامة والفنانين؛ لتوصيل رسالة بأن كل الأمور طبيعية، وذلك لصرف الانتباه عن الجريمة التي ترتكب في هذه الأثناء.

 

- ويتم تسجيل وإذاعة عدد من الحوارات والاستطلاعات المنتقاة مع عدد من المواطنين الذين يؤكدون جميعًا نزاهة الانتخابات.

 

- مع التسجيل والتصوير مع السيد المستشار رئيس اللجنة العليا للانتخابات؛ للإيحاء بأن العملية تتم تحت الإشراف القضائي.

 

- مع الاهتمام منذ الصباح الباكر بالتمهيد للنتائج النهائية التي سوف تعلن لاحقًا من خلال التركيز على عرض وإذاعة التقارير الإخبارية، التي تؤكد عزوف المواطنين عن إعطاء أصواتهم لأي من المرشحين المناوئين.

 

- وسيتم تزويد أجهزة الإعلام في الوقت المناسب بأسماء الدوائر التي سيُسمح بتغطيتها إعلاميًّا، التي سينجح فيها عدد من الشخصيات الحزبية المعارضة الصديقة.

 

- من ناحية أخرى يتم فرض الحظر الكامل على أي تصوير أو تغطية إعلامية للانتخابات من أية قنوات فضائية مستقلة مصرية، أو عربية أو أجنبية، مع استخدام أقسى أنواع البطش والقسوة لتحقيق ذلك، ويتم التنبيه جيدًا على منع التسجيل بكاميرات المحمول، وتصادر أي أجهزة فور ضبطها.

 

ولقد صدر بالفعل قرار بحظر البث الحي المباشر لأيٍّ من القنوات الفضائية إلا بعد أخذ موافقات كتابية من اتحاد الإذاعة والتليفزيون.

 

- إصدار تعليمات أمنية واضحة إلى كل القنوات بالخطوط الحمراء في المرحلة المقبلة، والتهديد بالإغلاق في حالة عدم الالتزام.

 

- ولقد صدر بالفعل عدد من القرارات بإغلاق عدد من القنوات، وإلغاء عدد من البرامج، وإيقاف عدد من المذيعين.

 

- تطبيق نفس الشيء مع الصحف المستقلة والمعارضة.

- وستكون هناك خطة تغطية حقوقية شكلية، من خلال السماح لعدد من منظمات المجتمع المدني الموالية، بإعداد بضعة تقارير مناسبة، تؤكد نزاهة العملية الانتخابية، مع تضمينها بضعة إشارات عابرة عن بعض المخالفات المحدودة هنا أو هناك.

*************

 

ثالثًا: الأدوات والأجهزة المنفِّذة والمعاونة:

يتم إصدار أوامر وتعليمات لكل الوزارات والأجهزة المعنية بالتفرغ التام والكامل لتنفيذ التعليمات المكلفة بها، مع التحذير من حدوث أي مفاجآت مخالفة للنتائج المقررة، وتوقيع أقصى عقاب على المتسببين فيها.

----------

[email protected]