- د. محمود عزت: النظام يريد الانفجار ونمسك بزمام الأعصاب بصعوبة

- د. الشوبكي: المجتمع المدني تعاطف مع القضية بالكلام دون مواقف

- د. رفيق حبيب: المنظمات الحقوقية تنحاز لليبرالية ضد الإسلاميين

- زارع: النظام جعل خلافه مع الجماعة على الحكم مما أضعف التضامن

- د. الغزالي: لو أراد الصهاينة القضاء على مصر فلن يفعلوا أكثر من النظام

 

تحقيق- علاء عياد وإسلام توفيق

لأن الشجاعة تبدو في المواقف فقط، وليس في المجاملات فقد كشفت قضية الإخوان المسلمين عن حالة من الهشاشة لدى بعض الأحزاب السياسية ومنظمات حقوق الإنسان وبعض الصحف ووسائل الإعلام، وتجلَّى ذلك في عدد من المظاهر جعلها أقرب إلى الموقف الروتيني بما يمكن وصفُه بالشجاعة المنقوصة؛ ففي حين كانت الدنيا تنقلب عند اعتقال ليبرالي أو يساري أو ناشط حقوقي، كان التعامل مع قضية الإخوان روتينيًّا.

 

ويؤكد مفكرون وسياسيون أن المحاكمة العسكرية المحال إليها 40 من قيادات الإخوان المسلمين، على رأسهم المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام للإخوان، والتي مرَّ عليها عام، لم تأخذ الحجم الطبيعي لها، سواءٌ على المستوى الدولي أو على مختلف المستويات.

 

وأرجع الخبراء السببَ وراء ذلك إلى أن الاهتمام وتسليط الأضواء يكون لقضايا بعينها، بعيدًا عما يخدم الفكرة الإسلامية، وخاصةً الإخوان المسلمين.

 

 الصورة غير متاحة

د. عمرو الشوبكي

يقول د. عمرو الشوبكي- الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام- إن قضية الإخوان المحالين للمحاكمات العسكرية لم تحظَ بالاهتمام الدولي والإقليمي الكافي، أو حتى على مستوى منظمات حقوق الإنسان الدولية والمصرية، موضحًا أن وراء عدم تسليط الأضواء على القضية أن الإخوان يمثِّلون التيار الإصلاحي الإسلامي الحقيقي في مصر.

 

وعاب الشوبكي على الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني تعاطفَهم مع القضية بالكلام والأرواح دون أي تحرك فعلي أو أخذ مواقف، مطالبًا إياهم بالتكاتف والوقوف سويًّا وترسيخ مبدأ الوقوف ضد إحالة المدنيِّين إلى المحاكمات العسكرية مهما كان انتماؤهم، والبدء في حملة للتضامن مع المحالين للقضاء العسكري.

 

والتمس الشوبكي العذرَ لتعاطف الشعب المصري مع القضية دون تحرك، مشيرًا إلى أن الشعب مستضعَف، ويعاني من سلبية تنتشر في قطاع كبير منه، سواءٌ كانت في قضايا الإخوان أو قضايا الإصلاح، وإن كان الموقف العام للشعب يرفض المحاكمات.

 

وأشار الشوبكي إلى أن الإعلام الحكومي تجاهل قضية الإخوان المحالين إلى القضاء العسكري، واعتبرها قضيةً جزئيةً مهمَّشةً، ولم تحترم الصحف القومية أدنى القواعد المهنية للصحافة، مشيرًا إلى أنها لم تثبت شفافية المنشآت الاقتصادية التي ثبتت براءتُها من تهمة غسيل الأموال، كما أنها تجاهلت كلَّ القرائن والأدلة التي أثبتت براءة الإخوان المحالين عسكريًّا، مؤكدًا أن الإعلام الحكومي لن يغيِّر من سياسته، حتى وإن برَّأَت المحكمة قيادات الإخوان المحالين لها.

 

في حين يرى الشوبكي أن كثيرًا من الصحف الحزبية والمستقلة تعاملت مع القضية بقدرٍ كبيرٍ من الموضوعية والنزاهة، كما أنها كانت ترصد كل الأحداث والتقارير بحيادية تامة وبدون تحيز لطرف عن الآخر.

 

حرب استنزاف
 
 الصورة غير متاحة

د. رفيق حبيب

وعن حقيقة مواجهة النظام للإخوان، قال الدكتور رفيق حبيب- المفكر القبطي-: "بات من الواضح سياسيًّا أن النظام لا يستطيع مواجهة الإخوان أو التنافس معهم أو حتى اللحاق بهم، فضلاًً عن أن يتم القضاء على الإخوان أمنيًّا، وهو ما أدَّى إلى أن يلجأ النظام إلى استنزاف الجماعة بمثل هذه الإجراءات الروتينية، مؤكدًا أن الجماعة قادرةٌ على امتصاص الصدمات والمواصلة في حرب الاستنزاف التي فتحتها الحكومة معها".

 

وأوضح د. رفيق حبيب أن ضعف التحالف السياسي والقوى الوطنية المعارضة هو السبب في عدم الوصول إلى رؤية واحدة تجاه المحاكمات، مشيرًا إلى أن الخلافات بين الأحزاب المعارضة وبعضها البعض قد يصل في بعض الأحيان إلى خلافات أكبر من خلافاتها مع الحزب الوطني الحاكم.

 

وحول عدم تضامن المنظمات الحقوقية- سواءٌ على المستوى الدولي أو المحلي مع قضية إحالة الإخوان إلى القضاء العسكري- أكَّد أن المنظمات الحقوقية تنحاز لليبرالية ضد الفكرة الإسلامية، كما أنها تخدم تيارًا سياسيًّا بعينه.

 

ويرى حبيب أن التفاعل الشعبي مع القضية منقسمٌ إلى فريقين: الفريق الأول خضع للتضليل الحكومي وهم الفئة الأقل، والفريق الآخر عرف الإخوان عن طريق الاحتكاك الفعلي؛ فهو لا يتأثَّر بما يحاول الإعلام الحكومي دسَّه في عقولهم ضد الإخوان، ودعا حبيب هؤلاء إلى التكاتف الفعلي مع الإخوان ضد هذه المحاكمات الظالمة.

 

وأكد حبيب أن الإعلام الحكومي أعرض تمامًا عن الإشارة إلى المحاكمات العسكرية في الوقت الذي لم يعطِ الإعلام الخاص القضيةَ حجمَها الطبيعي، مشيرًا إلى أنه مع بدء القضية لم يحدث أي اعتراض على مبدأ إحالة المدنيِّين إلى القضاء العسكري، وكأن النخبة السياسية المثقَّفة اعتادت الأمر، أو أنها أبدت موافقةً على إحالة المدنيين للمحاكمة العسكرية.

 

وأضاف أن بعض الصحف والمواقع الإلكترونية تفاعلت التفاعل المطلوب مع القضية في عرض الحقائق وتصويرها، في حين أن البعض الآخر من وسائل الإعلام الخاصة خذَل التطورات، ولم يبدِ إلا التقارير الهامشية أو أشار إلى المحاكمات من بعيد، ولم يقدم تغطيةً مناسبةً لهذا الحدث الأكبر على الساحة السياسية المصرية؛ مما يثبت أن الإعلاميين والكتَّاب فشلوا في تأدية واجبهم في الدفاع عن الحرية والديمقراطية قبل أن يكون دفاعًا عن الإخوان.

 

وأوضح حبيب أن للحكومة كتيبةً كبيرةً من الإعلاميين يستخدمهم في تشويه صورة معارضيه، وهو ما حدث بالفعل مع جماعة الإخوان والمحاكمات في الفترة السابقة.

 

رد الفعل

ودافع محمد زارع- مدير مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء- عن المنظمات الحقوقية، مؤكدًا أنها تضامنت بكل ما أوتيت من قوة مع القضية، مشيرًا إلى أن دور المنظمات الحقوقية ينحصر في رصد المحاكمات ونشر أخبارها، وقال إن المنظمات الحقوقية لا تستطيع تقديم أكثر مما قدَّمت؛ بسبب تحجيم دورها من قبل الحكومة، فالحكومة تفعل ما تريد وقتما تريد دون أن يستطيع أحد أن يواجهها.

 

ويرى زارع أن الحكومة نجحت في تصوير الخلاف بينها وبين الإخوان أنه خلاف على الحكم؛ مما قلَّل من حجم التضامن الدولي مع المحاكمات، وأوضح أن رد الفعل الحقوقي الدولي تبايَنَ بسبب كون المحاكمات مع الإخوان المسلمين الذين يمثلون التيار الإسلامي المعتدل والأقوى في مصر، وهو الذي جعل التعامل الحقوقي مع القضية ضعيفًا، مشيرًا إلى أن هناك الكثير من منظمات الحقوقية الدولية قطعوا الأميال لمتابعة جلسات المحاكمات العسكرية، ولكن الحكومة منعتهم!!.

 

وأكد زارع على أن القضاء العسكري يفتقر إلى ضمانات العدالة ونزاهة المحاكمة، وهو ما يؤكد الظلم البيِّن الواقع على المحالين في استمرار المحاكمة لعام كامل وهم خلف القضبان.

 

جريمة وطن
 
 الصورة غير متاحة

د. محمود عزت

من ناحيته أكد الدكتور محمود عزت- الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين- أن إحالة المدنيِّين إلى المحاكمات العسكرية وأن الشعب أصبح مستهدفًا من حكام الوطن، كما أنه مستهدفٌ من أعدائه الخارجين، موضحًا أن الأسلوب الذي يتعامل به النظام مع الإخوان لا يُستخدم إلا مع الأعداء وليس مع أناس حريصين على البذل والعطاء لهذا الوطن.

 

وأضاف: "برغم أن النظام يريد أن يغرق كل السبل حتى لا يبقى إلا الانفجار؛ فالإخوان حريصون على ألا يحدث هذا الانفجار"، مؤكدًا أن الفوضى الخلاقة هو ما تتمنَّاه أمريكا؛ لذلك فالإخوان ملتزمون بضبط النفس، قائلاً: "نحن نمسك بزمام أعصاب الجماعة بصعوبة".

 

وأكد عزت أن الإخوان يسعون لدى أجهزة الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان لإقرار الحق؛ لأن إحالة المدنيين إلى المحاكمة العسكرية جريمة، ليس في حق الإخوان ولكنها جريمة في حق الوطن.

 

وأوضح أنه برغم ما يحدث مع الإخوان من اعتقالات ومحاكمات وغيره فهذا لن يُثني الإخوانَ عن القيام بدورهم في الإصلاح، مضيفًا أن من دَرَس التاريخ عرف أن النتيجة التي تعقب كلَّ محاكمة للإخوان هي انتشار أكبر للدعوة.

 

وأضاف أن حجم الظلم والاستبداد الذي حدث للمحالين إلى المحاكمة العسكرية لا يجعل أحدًا يستطيع أن يقوم بالواجب الكامل نحوهم.

 

مستقبل البلد
 
 الصورة غير متاحة

د. عبد الحميد الغزالي

وأكد الدكتور عبد الحميد الغزالي- المستشار السياسي للمرشد العام للإخوان المسلمين والأستاذ بجامعة القاهرة- أن من أبشع مظاهر الاستبداد التي تعيشها مصر هو المحاكمات العسكرية، التي لا يجد فيها المتهم ضمانات العدالة أو استقلال القاضي، مشيرًا إلى أن الكيان الصهيوني لو أراد أن يقضي على مستقبل هذا البلد لن يفعل كما يفعل النظام المصري الحاكم، مستغلِّين قانون الطوارئ الظالم، والذي ما زاد البلاد إلا تخلُّفًا، والدليل على ذلك أن في عهد الطوارئ وصل عدد الفقراء إلى 80%، كما وصل عدد العاطلين رسميًّا إلى مليوني عاطل، وهناك مصادر غير رسمية تؤكد أن الرقم الحقيقي يصل إلى 8 ملايين عاطل، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار والفساد المالي والإداري في كل مؤسسات الدولة.

 

وحذر الغزالي النظام من الاستمرار في هذه الإجراءات القمعية؛ لأن ذلك لن يؤثِّر في الإخوان وحدهم، بل سيقضي على مستقبل هذا البلد، أما الإخوان فيعلمون جيدًا تبعات هذا الطريق، ولن تثنيَهم هذه الضرباتُ عن قضيتهم، محتسبين الأجر والثواب عند الله تعالى.