جاءت لي رسالة على الإيميل الشخصي تقول: مرة واحد إسلامي دخل الانتخابات نجح، قالوا: بسبب الشعارات الدينية.. سقط، قالوا: خايب ودخلها ليه أساسًا.. قاطع الانتخابات، قالوا: شُفتم السلبية وبيتكلم عن الإيجابية والمشاركة.. دخل بأغلبية، قالوا: عشان يكوّش على المقاعد وتبقى دولة دينية.. دخل بثلث المقاعد، قالوا: عشان حق الفيتو ويعترض لنا في كل حاجة.. دخل بأقلية، قالوا: شفتم.. ده حجمهم الحقيقي.. ساب لهم البلد ومشي، قالوا: سابوا لنا البلد خربانة وطفشوا.. ساب الأرض وراح المريخ، قالوا: شفتم.. حايعمل غزو عربي وينشر الوهابية.. رجع تاني يزورهم، قالوا: عاوز يبقى زي الخوميني ويمسك الحكم.. رفع عليهم قضية سبّ قالوا: بيسيء استخدام الحق العام وضد حرية التعبير واحنا كنا بنهزر، فقد أعصابه وشتمهم قالك شوفت السفالة، سابهم وراح اعتكف قالك شوفت الدروشة، زهق ورمى نفسه في النيل قال لك انتحر ابن الكافرة، قعد على جنب يقرأ قرآن، قالوا بيعزِّم علينا، قال حسبي الله ونعم الوكيل، قالوا: بيتحسبن علينا، قام راح شغله، قالوا طمعان في الدنيا، نزل التحرير، قالوا: ركب الثورة.. ساب لهم التحرير، قالوا: خان الثورة، ربَّى دقنه، قالوا متمسك بالمظهر مش الجوهر.. حلق دقنه، قالوا منافق".. انتهت الرسالة.

 

هي الحالة التي نعيشها الآن من التخويف والترهيب والتفزيع من التيار الإسلامي، كأنهم ليسوا من نبت هذا الوطن، ولم يشاركوا في بنائه ونهضته، ونزلوا علينا من المريخ، وأن الشعب المصري لا يُميّز ولا يستطيع أن يختار من يمثله بشكل حقيقي.

 

وتخيلوا معي لو أن الأكثرية في المرحلة الأولى جاءت من التيار الليبرالي أو اليساري أو غيره من التيارات الأخرى، هل سنجد كل هذا الهراء الذي يحدث في الإعلام من التخويف والترهيب من التيار الإسلامي؟! أم أننا سنجد أن البوق المنتشرة هنا وهناك تؤكد أن الشعب المصري أحسن الاختيار، وأن التيار الإسلامي ظهر على حقيقته وحجمه.

 

يا سادة.. احترموا إرادة الشعب، وأعطوا الفرصة لهذا الاختيار أن يقوم بدوره في البناء والنهضة والتقدم، واقرءوا برامج هذه الأحزاب وناقشوهم في بنودها، وعلى الجميع أن يتعاون في إنقاذ مصرنا الحبيبة بالتكاتف والاهتمام بالقضايا الكلية، والابتعاد عن الصغائر التي تُفرّقنا، وعدم إعطاء الفرصة لأعداء الوطن لإثارة القلاقل والتخوين.

 

أرجو أن تكونوا منصفين ولو لبعض الوقت، فقد حان وقت العمل والإنجاز، ولا تُدْخلوننا في معارك وهمية، فأنتم تدّعون أنكم مع الديمقراطية الحقيقية وتقبلون بها، فإذا جاءت بغيركم انقلبتهم عليها!! عودوا إلى رشدكم وقدِّموا مصلحة الوطن على مصالحكم الشخصية، فالجميع أبناء هذا الوطن، ولا يصح ولا يجب أن يُخوِّن كل منَّا الآخر.

 

انظروا معي إلى ما قاله الكاتب الصحفي في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية "نيكولاس كريستوف"؛ حيث قال: إن حقيقة جماعة الإخوان المسلمين المصرية هي أفضل بكثير من تلك الصورة المشوهة المأخوذة عنهم لدى الغرب ولدى أطراف أخرى كثيرة.

 

وسرد الكاتب الأمريكي في سياق مقاله التحليلي الذي كتبه من القاهرة ونشرته صحيفة "نيويورك تايمز" وأوردته على موقعها الإلكتروني، تفاصيل عن حياة الإخوان من داخل منزل أحد أعضائها وتحليله لشعبيتهم التي حصدوها؛ وذلك بعد فوز حزب "الحرية والعدالة" بأغلبية مقاعد البرلمان في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية.

 

وأشار إلى أن المقابلات التي أجراها مع أنصار هذه الجماعة تشير إلى أنها أكثر بريقًا بكثير من الصورة المشوهة التي أُخذت عنهم، والتي تخيف الكثير من الأمريكيين وغيرهم.

 

وتابع الكاتب الأمريكي قائلاً إنه اعتقاد خاطئ أن جماعة الإخوان المسلمين تقوم بتهميش دور المرأة في المجتمع، حيث إن 50% من أعضاء الإخوان المسلمين هن من النساء.

 

تلك هي اعترافات وأقوال صحفي أمريكي محايد، فلماذا كل هذه الممارسات التي نراها من البعض، وتقوم بعض وسائل الإعلام بتضخيمها بشكل مبالغ فيه؟! دعونا نتوافق على وضع أجندة وطنية على المتفق عليه وهو كثير، لكي نخرج من هذا المنعطف، ونساهم جميعًا في بناء مصر.

 

وبطبيعة الحال لا أتفق مع بعض التصريحات التي تخرج من بعض القيادات في التيار الإسلامي التي تثير المخاوف والتساؤلات حول موضوعات فرعية، ولا تمس المواطن المصري من قريب أو بعيد، ويحاول بعض الصحفيين والإعلامين إيقاعهم في هذه الفخاخ، وأدعوهم جميعًا أن يركزوا على مشاكل المواطنين وطرح الحلول المناسبة لها.

 

* مدير المركز الحضاري للدراسات المستقبلية- [email protected]